الجمعة، 5 مارس 2021

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

 هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟


لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى مسمعك شخصية دينية أو شخصية تاريخية أو بطل في القرون الوسطى أو شخص كبير في السن نحترمه ونفضله لأسباب عديدة. عادة ما يكون أحد الوالدين أو المعلم أو الأخ أو ابن العم أو العم / العمة هو الشخص الذي نتطلع إليه وننسخه. قد يفعل البعض منا ذلك عن قصد، أو دون قصد. بينما سيفعله البعض منا دون أن يدرك مدى تأثرنا بهم. إنهم قدوة لنا وهذه النماذج التي يحتذى بها تتغير باستمرار مع تقدمنا في العمر، وفقا للتغييرات في أذواقنا واحتياجاتنا. إن وجود نماذج يحتذى بها في حياتنا أمر مهم للغاية، وامتلاك نماذج جيدة هو أكثر أهمية، لأنها تؤثر على ما نقوم به وكيف نتحول في النهاية، تؤثر القدوة الإيجابية على أفعالنا وتحفزنا على السعي لكشف إمكانيتنا الحقيقية والتغلب على ضعفنا. وجودهم يدفعنا لتحقيق أقصى استفادة من حياتنا. الاستفادة القصوى من حياتنا. نماذج الأدوار ضرورية لتحسين الذات لأنه يجب أن يكون لدينا معيار نسعى من أجله أو نقارن أنفسنا به يجب أن يكون هناك (عظمة) التي يجب أن نرغب في تحقيقها إذا أردنا حتى تحقيق قدر ضئيل من النجاح في أي جانب من جوانب الحياة. لذلك، من المهم أن يكون لديك الإلهام الصحيح لاكتشاف من أنت وبذل قصارى جهدك. يشترك جميع القادة العظماء والرياضيين وأصحاب الإنجازات العالية في شيء واحد - لديهم جميعا قدوة إيجابية سعوا جاهدين لتقليدهم بطريقة ما وفي نهاية المطاف يقومون بعمل أفضل من قداوتهم. اعترف اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي بأن أسطورة فرنسا زين الدين زيدان قدوة له في كرة القدم عندما كان يكبر، واصفا إياه ب البطل. الآن، ألا تعتقد أن ميسي قد تفوق على زيدان كلاعب كرة قدم؟ ومنذ أن أصبح بيل جيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرج رموزا عالمية نظرا لنجاحهم الهائل في مجالات التكنولوجيا والأعمال، انضم العديد من الشباب إلى عربة التكنولوجيا وأسسوا أعمالا من خلال متابعة شغفهم أو أي شيء خارج الصندوق الفكرة التي جاءت في رؤوسهم. حتى إن البعض أصبحوا متسربين مثل زوكربيرج لإعطاء وقت كامل لشغفهم، على الرغم من أنني لا أستطيع أن أقول إنها فكرة رائعة. الآن دعونا نرى ما تفعله القدوة لنا وكيف يجب أن نختار نموذجنا. فهناك معايير للقدوة وسوف نتطرق لبعضها التي تتيح للقارئ المعرفة البسيطة لهذا المفهوم.

تختار بعناية

عادة ما تستند توقعاتنا على ما نراه من حولنا. ومن المرجح أن ما نراه من حولنا هو مجرد عادي أو متوسط، على الرغم من أننا قد نفكر بطريقة أخرى. لذلك يجب أن نختار قدوتنا بعناية، ونختار أولئك الذين هم في قمة التخصص، والأفضل في مجالهم - ولكن مع مكانته الاخلاقية قوة وشخصيته المستقيمة. على الرغم من أنهم قد يكون لديهم عيوبهم، يجب أن يكونوا ملهمين على الرغم من نقاط ضعفهم. سيساعدنا هذا في معرفة كيف يمكن التغلب على نقاط الضعف أو تحويلها ببساطة إلى قوة، وعدم السماح للعيوب بمنعنا من أن نكون الأفضل منا

اجعله مدربك

جميع الرياضيين والفرق لديهم مدربون. غالبا ما يؤثر التغيير في المدرب على أداء اللاعب أو الفريق. هل تساءلت لماذا يحتاج لاعب من الطراز العالمي أو أفضل لاعب في العالم إلى مدرب بينما هم بالفعل جيدون في لعبهم؟ ذلك لأن المدرب يبقينا متحمسين، نحو الهدف، ويلهمنا ويوضح لنا كيفية التغلب على نقاط ضعفنا وكيفية مواجهة المواقف الصعبة. لكننا لا ندرك الصعوبات التي كان عليهم ليصبحوا ما هم عليه. حاول التعرف على تلك الصراعات ومعرفة ما إذا كنت تواجه أيضا مشكلات مماثلة، فبالتأكيد ستجد حلا هناك. إذا كان قدوتك هو والدك أو معلمك أو أحد أفراد أسرتك، فلديك ميزة الوصول إليهم حتى تتمكن من التحدث إليهم والحصول على نصائح حول كيفية القيام بالأشياء. يمكن أن يصبحوا مدربين شخصيين لك، وأن يكونوا جيدين أيضا لأنهم يهتمون بك ورؤيتك تقوم بعمل جيد أمر مهم بالنسبة لهم كما هو مهم بالنسبة لك. لكن لهذا عليك أن تبذل جهدا للوصول إليهم، خاصة مع وجود مشكلة، وإلا فلن يعرفوا ما تريد.، يجب يكون لديك دائما نماذج يحتذى بها من بين الأفضل في مجالهم أو حققوا أكبر قدر من النجاح فيما نريد القيام به. بهذه الطريقة سنضع توقعات عالية من أنفسنا، مما يجعلنا نقدم أفضل ما لدينا ولا نكتفي بالنجاح المتوسط.

إيجاد القدوة الصحيحة

عائلتنا

غالبا ما يكون آباؤنا وأجدادنا قدوة لنا في الحياة. إنها أيضا واحدة من أفضل الخيارات بالنسبة لنا لأنها تشترك في القيم والمبادئ التي يجب أن توجه حياتنا. يجب أن نستمع إلى قصصهم، ونتعرف على نضالاتهم وندرس مسار نجاحهم وفشلهم. هناك دروس لا حصر لها في هذه ستوجهنا حول ما يجب القيام به وما يجب تجنبه. إنها أيضا ميزة يمكننا أن نلجأ إليها بسهولة للحصول على المشورة، والتي ينقلونها بناء على تجربتهم ورفاهيتنا في الاعتبار.

أنتقل إلى التاريخ

هناك عدد لا يحصى من الشخصيات في التاريخ، في جميع مناحي الحياة، يمكنهم أن يكونوا قدوة عظيمة. لذا اقرأ التاريخ، سواء كان يتعلق بالأعمال أو العلوم أو السياسة أو بالاجتماع، كل ما يتعلق بنا. هناك الكثير من الأشخاص العظماء الذين يستحقون الإعجاب ويمكنهم بسهولة أن يصبحوا منارة للضوء بالنسبة لنا.

اقرأ السير الذاتية

ستخبرنا قراءة السير الذاتية لمختلف المتفوقين عن بدايتهم وكيف تحولوا. قد يحالفهم الحظ في تفضيلهم، بينما قد يكون على البعض الآخر الاعتماد على تصميمهم وعملهم الجاد ومواهبهم، مهما كان الأمر، لدينا جميعا العديد من الدروس لنتعلمها هناك يجب أن نحاول أن نلاحظ عاداتهم الجيدة ودمجها في حياتنا، ونتجنب الأخطاء التي ارتكبوها

لديك نماذج متعددة

نحتاج إلى نماذج مختلفة لمراحل وجوانب مختلفة من الحياة. لذلك، نحتاج إلى أكثر من نموذج قدوة يحتذى به حتى نتمكن من التقاط أكثر من جانب واحد والحصول على أشياء جيدة أخرى نقدرها ونطمح إليها في نماذج الحياة.، قد نجد شخصا آخر يناسب وضعنا وتطلعاتنا بشكل أفضل، لذلك يجب أن نستبدل بعض النماذج بأخرى

 

جديدة. مفهومنا للقدوة يحتاج إلى إعادة نظر حتى يجعلنا أكثر تأثيرا ولا نكون عرضه للتأثيرات بشكل خاص ومما يؤدي ذلك إلى فقدان العنصر الإيجابي في مخرجات القدوة ومن المؤسف أن بعض الجهات الإعلامية تلعب دور القدوة حيث تجعل هناك ثغرة في ذات الإنسان ومما لا شك فيه أن التأثيرات المضادة تلعب دور الصراع عبر وسائل المسموعة والمرئية وهنا تتولد فكرة صناعة القدوة لذات الاختلاف المجتمعي أو حتى عقائدي. ويخرج لنا شخص من بين ثنايا الإعلام يرمي لنا بعض النصائح التي لا تغني عن جوع. فكيف للمتلقي أن يستجيب لك وقد غرق في غياهب التصور الذاتي لقدوة مغايرة لمعطيات مجتمعاتنا العربية التي بدأت تفتقر هذا المدلول. ومع الأسف بدأنا نتعرض لهيكلة مغايرة تماما عما وجدنا آبائنا عليه. لو نظرنا إلى أفلام (سوبر مان) أو(بات مان) إلخ من المسميات ونحن نشاهد ونستمتع بتلك اللقطات والبطولات التي يحققها هؤلاء الخوارق من أجل أمريكا. هل سال الإعلام العربي نفسه لماذا تصرف استود وهات هوليود ملايين الدولارات من أجل تلك الأفلام. يأتيك الجواب وسوف سيكون كالعادة تنظيريا ومملا دون أن تفهم شيء. .إنهم يصنعون القدوة لمجمعاتهم ويبثون رسائل ضمنية تعدل سلوكيات مجتمعية. دون ندوات ومؤتمرات وحملات توعية كما نقوم نحن دون دراسات عن موطن الخلل.

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

كثيرا ما طرحت هذا التساؤل إلى زملاء العمل أو أساتذة التعليم وحتى الناس البسطاء وكان الرد مذهلا من الجميع. القدوة مطلوبة وهي مؤثرة بشروطها ومعطياتها الايجابية ولا أقصد كما هو الآن ممن يتخذ الفاشنيستا أو نجوم الإعلانات قدوة لهم بطبع _لا_ المقصود هنا التأثير النوعي والإيجابي للفرد والمجتمع  وليس هنا المعني القدوة السيئة , ومن وجهة نظري لا بدَّ من تكثيف العمل على إزالة تلك الترسبات ومن ثم تأتي معايير القدوة  لتأخذ مجراها التأثيري في التغير السلوكي الذي بدا لا يستجيب بشكل كامل لما تطرحه المفاهيم الدينية والاجتماعية _لفقدان القدوة الزمنية والحاضرة _وحتى نكون أكثر إنصافا مع أنفسنا لكون هناك ترسبات سلوكية راسبة في العقل الباطن فعلينا تنقيه تلك الترسبات وبعض سلوكيات المجتمع التي تضطهد الإنسان فكيف تريد من مجتمع يتصرف بشكل حضاري وهو مضطهد في البيت أو المدرسة ويمارس ضده كافة وسائل الخنق الإبداعي؟ فعلينا أن نبدأ بصناعة الإنسان القائد ليكون جزء فعال في الأسرة والمجتمع.

مربع نص: نبذة عن الكاتب

 


·         كاتب وباحث وقاص عراقي مقيم في الكويت

·        صدر له ثلاث مجموعات قصصية

·        محاولات شعرية ونثرية

·        محاضر ومدرب بالإدارة ونمو المشاريع

·        مربع نص: جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب مقالات في الصحف العراقية والعربية ( حول الفكر الاجتماعي والقيادة والادارة  )

·        عضويات ثقافية في منظمات دولية وعربية

                          للتواصل

 البريد الالكتروني :  larsa_adnan@windowslive.com

الانستغرام : adnan_aldossre@

تويتر      : @adnan_aldosre

الفيس بوك: عدنان الدوسري

 

 

 

الأحد، 12 يوليو 2020

مدارات اللغة في العقل البشري/: الجزء 2

ما الذي يمكن أن يعلل سبب قدرات عقلنا وذكائنا المميز عن باقي الكائنات الحية ما هي العوامل التي سمحت لكي يصبح الإنسان ذكياً بشكل يجعله مميز , ويفكر بالطريقة التي نحن نفكر بها الآن 
كيف حدث هذا الفارق الكبير بيننا وبين كافة الكائنات الحية مع أنه يوجد كائنات حية دماغها يملك قدرات تفوق قدرات دماغنا كالحيتان والفيلة .ما هي أهم العوامل التي أدت لذلك يرى البعض أن أهم ما يميز تفكيرنا عن باقي الكائنات الحية وبالتالي ذكائنا المميز عنها هو : ما يكتسب نتيجة التواصل الاجتماعي الواسع والمنوع والمعقد , والذي يتم نسخه و توارثه بالمحاكاة والتعلم . فهو أدى لنشوء تواصل إيمائي أشاري متطور , وبالتالي مهد لنشوء لغة محكية حدثت تطورت بها , ومن ثم تشكلت اللغة المكتوبة . بالإضافة لنشوء التقنية وصنع الأدوات وتوارثها نتيجة الحياة الاجتماعية , وهي التي نتجت عن قدرات عمل عقلنا ويدينا والقامة المنتصبة وعوامل أخرى . إن دور التقنية واستعمال الأدوات المتكرر وصنع الأدوات كالرمح والفأس وغيره , وتعليم ذلك للآخرين , ساعدنا بشكل كبير في توسيع قدراتنا وبالتالي خياراتنا في التعامل مع ظروف الحياة . صحيح أن هناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية مثل النحل والعناكب والطيور وغيرها , ولكنها لا تطورها فهي تكتسبها بيولوجياً . وهناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية أو بعض الأشياء كأدوات ولكنها لا تحتفظ بها ولا تعيد صنعها . وكل هذا أحدث قفزة تطور كبيرة لقدرا عمل دماغنا وبالتالي تفكيرنا , عن باقي الكائنات الحية , وخلال زمن قصير نسبياً .أن قدرات الذكاء الكائن الحي , بشكل عام , هي نتيجة برامج التفكير أو معالجة المتدخلات للدماغ الموروثة بيولوجياً , وبرامج التفكير والمعالجة المكتسبة أو التي يتم تعلمها نتيجة الحياة والحياة الاجتماعية .فالقدرات الموروثة بيولوجياً هي : القدرة على التفكير ومعالجة الأفكار والقدرة على التعلم , و سرعة الحفظ في الذاكرة , والقدرة على التذكرة أو الاستدعاء من مخازن الذاكرة واستخدام مخزون الذاكرة , والقدرة على المعالجة الفكرية لزمن طويل , والقدرة على معالجة الأفكار الكثيرة , والقدرة على معالجة الأفكار المعقدة , وكل هذا يكون موروث بيولوجياً , وهذه القدرات تكون عادة تابع لوزن الدماغ وعدد الخلايا العصبية وطريقة اتصالاتها وتناميها
 عدنان الدوسري

مدارات اللغة في العقل البشري

كيف نشأت وتطورت لدينا اللغة المحكية من الإشارات والإيماءات إلى لغة محكية ثم مكتوبة ؟ في البدء بالتنبيه والإشارة وإعطاء الأوامر , ثم الدلالة للأسماء والأفعال , ثم التصنيف الذي اعتمد التعميم نتيجة التشابه في بعض الخصائص , مثال الطعام هو كل ماهر صالح للأكل . ثم كما ذكرنا ذكر الحوادث والقصص والروايات .
وكما ذكرنا إن أهم ما يميز دماغنا عن باقي أدمغة الكائنات الحية الأخرى جميعها هو المناطق المسؤولية عن اللغة الموجودة بين مراكز الأحاسيس في اللحاء , فلبعض الكائنات الحية مثل الفيلة والحيتان لحاء ومتطور ولكن لم تتشكل وتنمو مناطق اللغة التي تربط مراكز الأحاسيس مع بعضها كما هي موجودة لدينا . فنحن نستطيع تمثل الكثير من أحاسيسنا وأفكارنا بكلمات تدل عليها وننقلها بواسطة الكلمات المحكية للآخرين .
وكان لنشوء الثقافة والحضارة نتيجة التوارث الاجتماعي للأفكار والمعلومات والتصرفات والتقنية بكافة أشكالها , الدور الأساسي والأهم الذي جعل تفكيرنا مختلف ومميز عن باقي الكائنات الحية . فنحن البشر دماغنا لديه خصائص موروثة بيولوجياً , بالإضافة إلى أنه يكتسب موروث اجتماعي فكري ثقافي تقني , وهذا ما ميزنا عن كافة الكائنات الحية .
ويمكن أن يظهره مقدار وأهمية الموروث الفكري الاجتماعي إذا جعلنا مولود بشري يعيش بطريقة تعزله عن كافة التأثيرات الاجتماعي , وتوفير مستلزمات الحياة والبقاء له ( لأنه يستحيل عيشه دون مساعدة كأن ترعاه حيوانات أخرى ويعيش في مجتمعها ) وجعله يعتمد على الموروث البيولوجي فقط , ودون الموروث الاجتماعي البشري , في تعامله مع ظروف الحياة . عندها نلاحظ الخصائص فكرية وتقنية التي سوف يخسرها , إنه قبل كل شيء سوف يخسر اللغة وبذلك يخسر كل ما تمنحه اللغة من ميزات فكرية عن باقي الكائنات الحية , وهذا سوف يجعله شبيه بباقي الكائنات الحية المتطورة ولن يتفوق عليها إلى قليلاُ هذا إذا تفوق .
نشوء الكائنات الفكرية لدينا .إن الأفكار هي بمثابة كائنات الفكرية وهي بنيات غير مادية , وهي تكون عالم الفكر. ومثلما نشأت الكائنات الحية من العناصر والمركبات الكيميائية بعد أن تفاعلت حسب القوى والآليات الموجودة , كذلك نشأت الكائنات الفكرية في الأجهزة العصبية لدى الكائنات الحية . وكان نشوؤها متسلسل ومتطور , إلى أن وصلت إلى ما هي عليه لدينا في الوقت الحاضر .فالأفكار أو الكائنات الفكرية تتكون في أول الأمر - أوفي شكلها الخام - في الجهاز العصبي من السيالات العصبية الكهربائية الواردة من المستقبلات الحسية . فالمتقبلات الحسية بكافة أشكالها تحول - أو ترمز - بعض أنواع التأثيرات الفيزيائية - ضوئية , صوتية , حرارية , ميكانيكية , كيميائية , إلى نبضات عصبية كهربائية على شكل سيالات كهربائية عصبية , ترسل إلى الدماغ الذي يقوم بتقييمها وتصنيفها بناءً على نتائج تأثيراتها على الجسم , إن كانت مفيدة أو ضارة أو محايدة , ثم يقوم بالاستجابة بناءً على ذلك . لقد كانت وسيلة إعلامية , وكذلك وسيلة تنفيذية تقوم بالاستجابات أن كانت استجابات كيميائية , أو حركية , وتطورت ليصبح جزء منها حسي واعي .ولدى الإنسان الذي يعيش في مجتمع تطورت هذه البنيات الفكرية العصبية , فترابطت سلاسل لتشكل بنية فكرية متطورة . وقد حدثت قفزة كبيرة عندما مثلت بعض البنيات الفكرية بإشارات - أصوات وتعبيرات وحركات ومن ثم كلمات تدل عليها , وهذا أدى لنشوء البنيات الفكرية اللغوية . فهذه الدلالات - أو البنيات اللغوية الفيزيائية - عادت ودخلت إلى الدماغ كمداخلات حسية , و تحولت من جديد لبنيات فكرية خام وأصبحت بنيات فكرية دلالية أو لغوية , فهي ترمز أفكار تم إرسالها من إنسان لأخر . وبذلك نشأت وسيلة تستطيع بها هذه البنيات الفكرية الخروج من الدماغ أو العقل الذي نشأت فيه الانتقال إلى دماغ أو عقل آخر , وهذا يتم بعد أن تتحول البنيات الفكرية اللغوية إلى بنيات فيزيائية لغوية دلالية - مؤثرات فيزيائية إشارات وأصوات وحركات وإيماءات - فإذا تلقتها حواس إنسان آخر يمكن أن تصل إلى دماغه وتتحول إلى أبنية فكرية لغوية ثم إلى أبنية فكرية , هذا إذا تم فك رموزها . و بهذا استطاعت الأبنية الفكرية أن تنتقل من دماغ إنسان إلى أخر , وتصبح مهيأة لكي توضع فيه . أي يمكن أن تتحول البنيات الفيزيائية الدلالية أو اللغوية , إلى أبنية فكرية عصبية .كيف أصبحنا نتمثل أو نتصور الوجود مقارنة بباقي الكائنات الحية إن نتيجة الحياة الاجتماعية والنشوء الثقافة والحضارة صار تعرفنا على الوجود ليس فقط عن طريق الحواس , فالثقافة أصبح دورها يضاهي دور الحواس في تعرفنا على الوجود . فالترميز اللغوي للأفكار والتواصل بين العقول ونشوء المعارف أو الثقافة وتناميها هو من يحدد الآن نموذج الوجود لدى كل منا . فعندما شكّل عقل الإنسان الأفكار أو البنيات الفكرية , التي استطاعت أن تمثل البنيات الواقعية وتمثل تفاعلاتها مع بعضها , تكون زمن فكري يمثّّل الحوادث و صيرورة الوقائع . فهو ( عقل الإنسان ) يستطيع أن يعرف أي يتنبأ بالأحداث , أو نتائج تفاعلات بين بنيات , حدثت في الماضي أو سوف تحدث في المستقبل . وكذلك يستطيع أن يتنبأ بحوادث أو تفاعلات لم يتأثر إلا بجزء قليل منها , فهو يكمل ما ينقصه ويضع سيناريو للكثير من تلك الحوادث . واستطاع دماغنا تشكيل نموذج مختصر وبسيط للوجود وصيرورته , بواسطة البنيات الفكرية التي شكلها , تمكّنه من تحريك أو مفاعله النموذج الذي شكله للوجود , إلى الأمام إلى المستقبل وهذا هو التركيب , أو إلى الخلف إلى الماضي وهو التحليل . وذلك بسرعة أكبر من سرعة تغيرات الواقع الفعلية . فالدماغ بواسطة معالجة ما يرده من المستقبلات الحسية ( أي التفكير ) يستطيع السير بتفاعلاته الفكرية بسرعة أكبر من السرعة التي تجري فيها في الواقع , أي إلى المستقبل . وكذلك يستطيع السير إلى الماضي عن طريق عكسه التفاعلات أو التحليل , ووضعه لسيناريو لما يمكن أن يكون حدث أو ما سوف يحدث , وتزداد دقة تنبؤاته باستمرار لتقترب من الواقع الفعلي .
المعالجة التسلسلية والمعالجة التفريعة أو المتوازية للأفكار .
نحن فقد من بين كافة الكائنات الحية نعتمد التفكير الإرادي ومعالجة الأفكار بطريقة تسلسلية نتيجة التفكير بوجود اللغة , وذلك بالإضافة للطريقة التفريعة التي تفكر بها غالبية الكائنات الحية . والذي يقوم بعملية المعالجة المتوازية للمداخلات الحسية هو الدماغ القديم ألزواحفي والدماغ الجوفي , وكان يقوما بذلك قبل نشوء الدماغ الحديث بما فيه اللحاء . لقد كان الدماغ ألزواحفي يقوم بمعالجة مجموعة مداخلات في نفس الوقت أي بالتوازي, وليس واحد بعد الآخر, فقد كان لهذا الدماغ القدرة على معالجة كافة المداخلات في نفس الوقت .فالدماغ في أول نشأته كانت مهمته معالجة كافة المداخلات الحسية في نفس الوقت أي بالتوازي , والمثير الأقوى والأهم هو الذي يقرر الاستجابة , وذلك بعد مقارنة كافة المثيرات الداخلة للمعالجة مع بعضها في نفس الوقت . ثم بعد ذلك صارت بعض المداخلات تأخذ أهمية ليس لقوتها أو تأثيرها الحاضر ولكن لتأثيرها المستقبلي الهام , وهذا حدث نتيجة تشكل آليات المشروطة أو ترابط المثيرات مع بعضها نتيجة التجاور المكاني أو الزماني أو معانيها .أن أهمّ خاصية للمعالجات الفكرية الإرادية الواعية لدينا والتي تميزنا عن باقي الكائنات الحية , والتي تشكلت نتيجة استعمالنا للغة محكية وتعتمد السببية والمنطق , هي ألتركيزه على سلسلة مسار حوادث واحد للتفكير فيه ومعالجته من ضمن المداخلات الكثير , ومن المفيد تجنب تشتيت الانتباه عند ملاحظة المثيرات الجديدة , والتركيز على تحديد الهام منها لمعالجته هو فقط والتغاضي عن البقية , والاستمرار في ذلك المسار حتى نصل إلى نتيجة أو يحدث مثير جديد وهام يستدعي قطع المعالجة الجارية والالتفات لمعالجة هذا الجديد . فالتفكير ألسببي والمنطقي والرياضي يعتمدوا المعالجة بالتسلسل , لذلك هم مقيدين ومحدودين بسلسلة واحدة من الأفكار .إن غالبية تصرفاتنا تجري بناء على أوامر وتوجيهات الدماغ القديم . وتصرفاتنا الإرادية الواعية والمعتمدة على التفكير اللغوي ولسببي والمنطقي تكون بمشاركة الدماغ الحديث بما فيه اللحاء . وفي الأساس معالجة الدماغ للواردات الحسية البصرية تجري بالتوازي أو بالتفرع وفي نقس الوقت في عدة مناطق من الدماغ , وكذلك معالجة الواردات الحسية الصوتية تعالج بالتفرع , وكافة الواردات الحسية تعالج كلها في نفس الوقت .
إن المعالجات الفكرية الإرادية الواعية لدينا التي تكون معالجة بالتسلسلية , وفي نفس الوقت تجري معالجة بالتوازي في الدماغ ألزواحفي والدماغ الجوفي وتكون غير واعية , ويتم إرسال نتائج هذه المعالجة إلى سبورة الوعي , فالدماغ الجوفي ينظم دخول المثيرات والأفكار بعد أن يعالجها بالتوازي إلى سبورة الوعي , فتشارك في تحديد الاستجابة .والشيء المهم أن المقارنة اللازمة لإجراء القياس والحكم يلزمها معالجة بالتوازي , فلكي تتم مقارنة مجموعة مداخلات أو مؤثرات أو أفكار مع بعضها البعض يجب إدخالها معاً لمعالجتها دفعة واحدة , لذلك نجد دماغنا يستخدم المعالجة التسلسلية والمعالجة المتوازية في نفس الوقت .إن الواقع هو ناتج تفاعل كمية شبه لا متناهية من العناصر وتفاعل بآليات متعددة الأسباب . وهنا يكمن ( ضعف أو قوة ) التفكير الإرادي الواعي الذي يعتمد تسلسل الأفكار مقارنة بالتفكير الحدسي الذي يعتمد التفكير المتوازي للأفكار في نفس الوقت , لأنه يعتمد سلسلة واحدة من الأفكار . ومن أهم ميزات التفكير التسلسلي دقته العالية ووضوحه ( لأنه واع ) أكثر من التفكير المتوازي الحدسي .ونحن نجد المخيخ مثال على التفكير الامتوازي , فهو أقدر أبنية دماغية على المعالجة المتوازية , فهو يستطيع معالجة الكثير من أعقد الأوضاع الحركية دفعة واحدة أي في نفس الوقت مثل المشي مع المحافظة على التوازن أو ركوب دراجة . . , وتتم هذه المعالجة غالباً دون تدخل الوعي , وعندما يتدخل الوعي تنخفض قدرات المخيخ ويصبح المخيخ يعالج مسار واحد من حركات الجسم وعندها يصعب تنفيذ الحركات المتزامنة في نفس الوقت ويختل نظام أداء العمل .المعالجة الفكرية التسلسلية تعتمد التسلسل زمني . قصص و روايات و سير , والتسلسل سببي لنفس الأسباب والنتائج والترابطات السببية أو المنطقية , الرياضيات والهندسة , الفرض – الطلب - البرهان كمثال . وعمل دماغنا يعتمد على المشاركة بين التفكير التسلسلي والتفكير ألتفرعي أو المتوازي وهو يظهر على شكل حدس وإلهام , لإدارة وتنظيم كافة أمور حياتنا . وهناك اختلافات بيننا من ناحية اعتمادنا عل التفكير التسلسلي أو التفكير ألتفرعي , فبعضنا يركز على التفكير التسلسلي , وعادة يكون متفوق بالرياضيات والمنطق , والبعض الآخر يركز على التفكير ألتفرعي وعادة يكون متفوق بالشعر والأدب والموسيقى والرسم ومخيلة خصبة .

عدنان الدوسري

التأثيرات الخارجية في العقل البشري

أن قدرات الذكاء التي تكتسب نتيجة الحياة والحياة الاجتماعية فهي  قوة برامج التفكير المكتسبة التي تم تعلمها نتيجة الحياة , وكمية المعلومات أو المعارف الدقيقة المكتسبة , وهذا يكون عادة تابع لظروف الحياة , وبشكل خاص تأثيرات المجتمع بالنسبة لنا نحن البشر , فهذه التأثيرات هي أساس تميز تفكيرنا عن باقي الكائنات الحية .أما حساب نسبة وزن الدماغ إلى وزن الجسم في تحديد قدرات الذكاء التي تستعمل غالباً , فهي غير دقيقة . إن وزن الدماغ الإنسان بشكل عام يتراوح بين 1300 غ و2000 غ ، ووسطياً وزن دماغ الأنثى أقل بحوالي 200 غ , فهو بذلك يكون (50/1) من حجم جسم الإنسان . ويقدر وزن دماغ الفيل بين 4000 – 4500 غ , لذا يكون (500/1) من حجم الفيل . ويرى البعض أن الرجل ليس أذكى من المرأة لأن وزن دماغه أكبر . و ليس الفيل أو الحوت أذكى من الإنسان ؛ إذا اعتمد في تحديد الذكاء نسبة وزن الدماغ إلى وزن الجسم ككل . ولكن إذا ما قورن دماغ الإنسان بدماغ طائر السنونو فإن وزن دماغ الإنسان يشكل نسبة 2.5 % من وزن الجسم كله . أما وزن دماغ طائر السنونو فيشكل نسبة 4.2 % من وزن الجسم كله ) أي نسبة وزن الدماغ إلى وزن الجسم غير دقيقة.والملاحظ أن الدماغ يتطور باستمرار نتيجة التعلم ، فالزوائد الشجرية تتفرع كلما اكتسبنا معلومات جديدة ، و زيادة تفرعها يزيد من الذكاء , و بالتالي قدرة أقوى على تذكر المعلومات ، فكلما زاد تشابك الخلايا العصبية في المخ زادت نسبة تواصلها وتبادلها للمعلومات والعمليات المنطقية , وهذا يجعل لوزن الدماغ وعدد خلاياه ومشابكه تأثير أساسي على كمية الذكاء .إن البحث في تطور العقل البشري يبدأ عادة بالسؤال السهل والصعب في آن معاً وهو :ما الذي تغير في الدماغ وسمح بالتغير في طريقة تفكيرنا وجعلنا بهذا الذكاء ؟لقد رأى عالم النفس الكندي ((ميرلين دونالد)) أن ذلك مرتبط بطريقة تمثيل عقلنا للواقع , ووجود علاقات اجتماعية متطورة ومعقدة سمحت بتعليم ما يتم اكتسابه من معارف للأبناء وباقي أفراد الجماعة . وهو يرى أن تطور العقل له علاقة جوهرية بالطرق التي يمثل بها تجاربه و كل ما يصادفه من أشياء وحوادث . فهذا يسمح للعقل إدارة أفضل للمعلومات المخزنة فيه عن التجارب التي يعيشها . ونتيجة ذلك استطاع عقلنا تشكيل المفاهيم التي تدل على الأشياء والحوادث , وعن طريق تداول هذه المفاهيم بين الجماعة صار بالإمكان تحقيق تواصل أكثر فاعلية ووضوح , وهذا سهل نقل الخبرات المكتسبة إلى الآخرين . وكذلك سمح باسترجاع الذكريات المخزنة بسهولة ودقة أكثر , ونقلها للآخرين . وقد حدثت قفزة كبيرة نتيجة الانتقال من التخاطب الإيمائي بالإشارة إلى التخاطب الصوتي اللغوي المتطور . فقد كان نقل التجارب والمعلومات للآخرين وتعليمهم معقد وصعب باستعمال الإيماءات والإشارات , فباستخدام التمثيل المتطور نتيجة اللغة المجدية أصبح انتشار الثقافة أسهل وأسرع .إن النموذج الذي قدمه ((دونالد)) بارتكازه على علم الآثار وعلم النفس الحديثين يمكن أن يلخص لنا قفزات عديدة حصلت في كيفية إدارة المعلومات المخزنة في الدماغ , حيث كانت كل قفزة تعطي مستوى جديدة من المعرفة وحالة جديدة من الإدراك والوعي .
ويرى ((دونالد))أن أول قفزة معرفية حدثت منذ ما يقارب مليوني سنة مع أول ظهور للبشر البدائيين من فئة الإنسان العاقل حيث تشير أدواتهم الحجرية المتناسقة إلى وجود عقل جديد يمتلك القدرة على التمثيل " الإرادي " , وكان يقوم بتمثيل وتعليم ذريته ورفاقه طريقة صنع تلك الأدوات . فبذلك أصبح بمقدور العقل القدرة على انتقاء تجربة من الماضي وإعادة تقديمها للآخرين . فقد كان يتطلب إيصال الذكريات المسترجعة بشكل " إرادي " القدرة على التمثيل ,الذي يمكّن من إيصال المعلومات التي تسمح بتعلم ونسخ ما تم صنعه سابقاً . وكان ذلك في أول الأمر يعتمد على التواصل عن طريق الإيماءات والأصوات التي ترمز نقل التنبيهات والتوجيهات و من ثم الأفكار للآخرين . فكان يرسل الشخص المعلومات بواسطة الإيماءات الجسدية والأصوات التي سبقت ظهور اللغة , ثم دمجت مع بعضها لتمثيل سلسلة من الأحداث المترابطة , ومن ثم مثلت على شكل مسرحيات بسيطة تعتمد الإيقاع والرقص .أن تطور وارتقاء إدارة الدماغ للمعلومات المخزنة فيه والتجارب التي يعيشها , كانت منذ حولي مليوني سنة , فقد بدأ باستخدام الأدوات البسطة . لقد كان الإنسان حينها يملك قدرات جسمية متواضعة نسبياً , مع وجود بيئة وأوضاع وحوادث متنوعة كثيرة ومعقدة و خيارات كثيرة ووجود الكثير من التهديدات والأعداء . فكان بحاجة الماسة للتكيف مع الظروف والبقاء , وهذا أدى لتطور القدرات بشكل سريع , لأنه دفع الدماغ لبناء أو تشكيل برامج فكرية متطورة ومعقدة تسمح بالتعامل مع تلك الأوضاع , وبالتالي دفع الدماغ وبالذات اللحاء للتطور والنمو السريع خلال زمن قصير نسبياً . كل هذا أدى إلى توصل الدماغ لقدرات تمثيل وترميز الواقع بأفكار مناسبة . وهذا كان أهم عوامل حدوث القفزة التي ميزتنا عن باقي الكائنات الحية , وهي القدرة على التخاطب الفعال بواسطة الإيماءات والإشارات , والأهم تمثيل الواقع بلغة محكية ثم مكتوبة متطورة .

هدنان الدوسري

السبت، 28 سبتمبر 2019

التفكير خارج الصندوق في زمن الفساد


التفكير خارج الصندوق في زمن الفساد

كثيرا ما يراودني  حلما أن اصبح رئيسا اطبق جميع معايير التنمية والاستدامة والمساواة وحقوق الأنسان في مملكتي وبدأت اشعر أن كرسي الرئاسة ليس هدفا حقيقيا أنما هو وسيلة من الوسائل التنفيذية الذي بدأت تلعن في مجتمعاتنا الأوسطية  فقررت أن ابسط يدي للشباب واجعل منهم رؤساء لجمهورية مواقعهم العلمية عبر سياق علمي نحو تحقيق أحلامهم  . وما اثأر رغبتي بكتابة هذا المقال هو ما تعرض له حملة الشهادات العليا من أهانه  في احدى ساحات الاعتراض. جلست أراقب عن كثب هؤلاء الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ماذا سيفعلون بعد هذه الإهانة ؟  للأسف الشديد لم اجد سوى حالات الاستنكار والتنديد عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ,تكلمت مع الكثير ممن تبللت شهاداتهم بالماء. ماذا ستفعلون بعدها, فكانت الإجابة. نبقى ندد وندين !!!! هل هكذا تحل الأمور وفق منطقية التفكير المنطقي للخروج من هذا الاحتدام والصراع بين الحكومة والتكدس من الخريجين دون إيجاد فرص لهم لتحقيق أحلامهم  ورسالتي  للشباب الذين يرغبوا بالخروج من هذه الأزمة فاذا كنت منهم اقرأ المقال . واذا كنت ممن يستسلموا للضياع والاكتئاب .. لطفا  اترك المجال لغيرك
بين الحلم والحقيقة
منذ نعومة أظافرنا كانوا يسالونا عندما تكبر ماذا  ستصبح و كنا ردنا ( طيار – مهندس – طبيب – الخ )  ولم يعلمونا كيف نحقق  أحلامنا  والنتيجة  كم عدد الذين كانوا يحلموا بهذه المهن  اصبحوا يمتهنونها- النسبة تكاد لا تذكر- وعندما نتخرج من الثانوية يكون المعدل  هو الفاصل واللجان الانسيابية هي من  تقرر .  المسافة بين الحلم والحقيقة  أما أن تقف وتنتظر أن يأتيك  المخلص بمعجزة وهذا يتطلب منك عمرا إضافيا  فحينها  أما أن تكون  مريض نفسيا  رافضا حتى الهواء  وتلعن كل المسميات  حتى تصل الموت دون منفعة لشخصك أو لأهلك أو لوطنك  أو وان تسير نحو تحقيق حلمك . أنت من يقرر ذلك ولا تعلق أخطاءك على غيرك. فكثير من الدول المتقدمة التي تحلم بها أنت لا توجد فيها وظائف تنتظر الخريجين الجدد. أنما يتدربون الخريجين عن كيفية رسم المستقبل المهني لهم
  نمطية التقليد
يسعى كثير من الشباب إلى الاتجاه نحو التوظيف الحكومي معتقدا انه الأمان والاستقرار الاجتماعي والمالي ولكن اغلب الدراسات تشير أن التوظيف الحكومي لا يعطيك شيء من هذه المسميات أنما يجعلك مقيد دون أبداع وتجديد وخبرات تكون محدودة لبعض الأحيان  احذر أن تكون نمطيا تعمل وفق جدول زمني محدد مثل ماكنة تدور... تدور دون رؤية مستقبلية .
تراكمات الماضي
 أن اغلب الأسباب التي تقف أمام الشباب في تفكيرهم نحو التغير هو  فقدانهم طرق التفكير الإبداعي وهذا يأتي من بعض المفاهيم الخاطئة التي توارثناها عن  الأزمنة التي كانت تحدد أنظمة الحياة ببساطة وعفوية  ولهذا اصبح اغلبهم  خاضعا لتلك المفاهيم  التي أصبحت متلازمة معه دون ادراك للوعي الذي ناله عبر شهادته العليا متزامنا انه اذا نال شهادته العليا ينال اعلى وظيفة أو كرسيا  للتدريسين الجامعين فاذا كان يعتقد الخريج أو حملة الشهادة العليا ان شهادته هي جسر التوظيف فلابد أن تقف طويلا لتحليل هذه الشخصية  . وكان الحلول لا تأتي إلا عبر الوظيفة فان هذا المفهوم يعد خطئا جسيما بحقك أنت. الإشكالية الآن عن كيفية إيجاد حلولا لهذه التراكمات حتى تغير المسار نحو حياة افضل  فاغلب حملة الشهادات  يجدون انفسهم  في ضياع برغم انهم يمتلكون حلولا متنوعة ولكنهم  لا يروها بسبب  هذه المفاهيم .
   الخوف من الخطوة الأولى
  لم يعد الخوف حالة شعورية بل تجاوز  هذا الحد حتى وصل إلى سلوك  واضح عند اغلب حملة الشهادات العليا  بطرق التفكير الإبداعي نحو الخطوة الأولى ونحو العمل الحر والاستفادة من المؤهل العلمي الذي يحملها  وتحويها إلى أداة منفعة مالية  وهذا الذي نفتقده ,وهذا السبب يعود إلى الوعي التعليمي بجامعاتنا العربية بشكل عام والعراق بشكل خاص وأثاره على تكون الشخصية المبدعة في المهن العلمية والفنية ويعرف الإبداع على أنّه القدرة على الإتيان بأمر جديد في مجال تخصصه  ، كما يمكن وصف طرق التعامل مع الأمور المألوفة بطرق غير مألوفة على أنّها إبداع ، و يمكن إخراج عمل إبداعي بواسطة المشاركة الجماعيّة لعدة أشخاص نحو تجاوز الخطوة الأولى كما فعلوا ستيف جوبز، ستيف وزنياك، رونالد واين  بتأسيس شركة ابل .
بعيدا عن المشاعر
لا تدع المشاعر تتغلب عليك في انتظار الوظيفة حاول جاهدا بتفكير كيف تخرج من دائرة الانتظار الى رسم مستقبل مهني  بعيدا عن المشاعر والاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي تحيطك  بكتابة كافة الافتراضيات ونقاط القوة  التي تتمتع بها ونقاط الضعف التي تقع فيها والفرص المحتملة التي يمكن الاستفادة منها والتهديدات التي تواجهك لتضعها وتفكر بعقلك كيف تستفيد من هذه المعطيات  واجعل عقلك الباطن حاضرا معك بأفكار عبر العصف الذهني  لها ..جرب ولا تخف
 التفكير خارج الصندوق في زمن الفساد
الفساد أصبح حالة عمومية ويعد ظاهرة مركبة ومعقدة، تشمل الاختلالات التي تمس الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقيمي والأخلاقي  وليس هنا بصدد تحليل الفساد الذي ينخر مؤسساتنا بل افكر كيفية اجد مكانا  بعيدا عن هذه الحالة النتنة  عبر التفكير خارج الصندوق بهذه الحالات الصعبة ومن اهم طرق التفكير خارج الصندوق هو كتابة كافة الفرضيات وضع لها اكثر من حل واكثر من سيناريو  واكثر من فكرة وكلما زادت عندك الأفكار زادت عندك الفرص وبذات الأبواب تتفتح أمامك بوقت قصير  فاعلم أن النجاح يأتي من تجارب متكررة حتى تصل إلى فكرة تلائمك وحولها إلى مشروع واستعين باهل الاختصاص عن كيفية تحويلها إلى ارض الواقع  بعيدا عن كل ما يزعجك من ضوضاء السياسة ومنشورات الفيس بوك التي لا تغني من جوع
واليك مثال بسيط للتفكير خارج الصندوق
  الطالب والباروميتر
في امتحان الفيزياء في جامعة كوبنهاجن بالدانمارك جاء أحد أسئلة الامتحان كالتالي: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر (جهاز قياس الضغط الجوي)؟الإجابة الصحيحة: بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وعلى سطح ناطحة السحاب.إحدى الإجابات استفزت أستاذ الفيزياء وجعلته يقرر رسوب صاحب الإجابة بدون قراءة باقي إجاباته على الأسئلة الأخرى.الإجابة المستفزة هي : أربط الباروميتر بحبل طويل وأدلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب حتى يمس الباروميتر الأرض. ثم أقيس طول الخيط ... غضب أستاذ المادة لأن الطالب قاس له ارتفاع الناطحة بأسلوب بدائي ليس له علاقة بالباروميتر أو بالفيزياء, تظلم الطالب مؤكدا أن إجابته صحيحة 100% وحسب قوانين الجامعة عين خبير للبت في القضية... أفاد تقرير الحكم بأن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء. وتقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى لإثبات معرفته العلمية...ثم طرح عليه الحكم نفس السؤال شفهيا.فكر الطالب قليلا وقال: " لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة ولا أدري أيها أختار" فقال الحكم: "هات كل ما عندك"فأجاب الطالب: يمكن إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب على الأرض، ويقاس الزمن الذي يستغرقه الباروميتر حتى يصل إلى الأرض، وبالتالي يمكن حساب ارتفاع الناطحة . باستخدام قانون الجاذبية الأرضية.اذا كانت الشمس مشرقة ، يمكن قياس طول ظل الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاع الناطحة من قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين إذا اردنا حلا سريعا يريح عقولنا ، فإن أفضل طريقة لقياس ارتفاع الناطحة باستخدام الباروميتر هي أن نقول لحارس الناطحة : "سأعطيك هذا الباروميتر الجديد هدية إذا قلت لي كم يبلغ ارتفاع هذه الناطحة" ؟أما إذا أردنا تعقيد الأمور فسنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وأعلى ناطحة السحاب باستخدام الباروميتر .كان الحكم ينتظر الإجابة الرابعة التي تدل على فهم الطالب لمادة الفيزياء، بينما الطالب يعتقد أن الإجابة الرابعة هي أسوأ الإجابات لأنها أصعبها وأكثرها تعقيدا.بقي أن نقول أن اسم هذا الطالب هو " نيلز بور" وهو لم ينجح فقط في مادة الفيزياء، بل إنه الدانماركي الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء.

        عدنان الدوسري
 مستشار بنمو المشاريع وتطوير القدرات

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

  هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟ لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى...