الثلاثاء، 28 فبراير 2017

الكاريزما والشخصية السياسية

قد يتأثر بعضنا ببعض والتأثير في الآخرين غريزة إنسانية قد عرفها الإنسان منذ القدم و سخر معظم إمكانياته العقلية و الجسدية و الإيديولوجية و حتى السياسية منها لإشباع هذه الرغبة, وتحقيق رغبته الملحة بمفهوم الشخصية _وقبل أن تكلم عن محور الموضوع لا بد علينا أن نفهم أن السياسي قبل كل شيء إنسان ويفرز معطيات ومن ضمن هذه المعطيات هي الشخصية والشخصية بحد ذاتها لها مدلولاتها الكثيرة والتي تتعلق بكينونة عاقلة التي يجب أن تدرك نفسها و حريتها وحدود الواجب الأخلاقي لها. وترتبط الشخصية في الطرح بالوعي للذات في إطار الصيرورة العامة والمطلقة لحركة الوجود لمنظومة الشخص ذاته ونقصد هنا_ السمات المميزة للإنسان كسمات بيولوجية وهي مسئولة أخلاقيا، وقانونيا واجتماعيا والسمات السيكولوجية ونقصد أيضا النظر إلى الإنسان كحياة نفسية تنمو وتتغير وفق معطيات ذاتية وموضوعية وما يترتب عن تراكمات من التجارب وخبرات تنعكس بسلوكيات الإنسان وحياته الفردية.
إن تحديد الشخصية السياسية كبناء أو كنظام يحتم معالجة المسألة من خلال الأطروحات التي حاولت تمثل الشخصية في منظومة فكرية معينة ، وعليه نجد أنفسنا أمام خطابات تحاول كل منها حصر الشخصية في إطارات خاصة تعكس ثقافة الشخصية والآثار نفسية لها. و عبر الطرح الأيدلوجيا لها وقد يختلف البعض معي أن معظم الناس يتأثر بهم ككيان قائم لا لثقافته ولا لطرح الفكري له والتاريخ شاهد على ذلك بل نتأثر بكاريزما التي تحيط بتلك الشخصية و كاريزما هي إلا صفة منسوبة إلى أشخاص بسبب صلتهم المفترضة بالقوى الحيوية المؤثرة والمحددة للنظام ( ماكس فيبر (Max Weber (1920_1864 ) ويعتبر ماكس أول من أعطى المصطلح صبغة سياسية عندما استخدمه للإشارة إلى القدرة التي يتمتع بها شخص معين للتأثير في الآخرين إلى حد أن يجعله في مركز قوة بالنسبة لهم وبحيث يمنح الواقعون تحت تأثيره حقوقا تسلطية عليهم كنتيجة لقدرته التأثيرية هذه .
فالمزايا التسلطية التي يتمتع بها الشخص (الكاريزمي) ويمارسها على الآخرين تنبع أساسا من إضافة الآخرين صفات وقدرات خارقة له مثل( الجاه) بأنه صاحب مهام أو بأن لديه قدرات إدراكية غير طبيعية ونفاذ بصيرة لا تبارى أو بأنه يتحلى بفضائل خلقية تعلو مرتبة البشر لتسمو به إلى مرتبة أعلى. ..و نظرية ثاقبة في السلطة هي من أشهر ما ارتبط باسمه وفيها بحث عن الأسباب التي تحمل الناس على الرضوخ إلى الأوامر الصادرة عن السلطة العليا.
وكاريزما وحدها لا تخلق شخصية تغيرية للمجتمع فكثير من الشخصيات تهاوت عروشهم بسبب اعتمادهم على هذه الصفة وحدها وإن اعتبار الشخصية السياسية واقعا حتميا يعكس الإفرازات في السلوكيات إيجابية كانت أو سلبية وهذا فعلا ما يدفع بنا إلى التساؤل التالي : ألا تملك الشخصية السياسية دورا في بناء شخصيته وعمق تأثيرها في المجتمع؟ لقد اطلعنا على الكثير من تجارب الشخصيات بأطروحات تؤكد ارتباط الشخصية السياسية بواقع المجتمع، وإنما تعتبر الشخصية السياسية وعيا إيجابيا فليست الشخصية مجرد إنتاج يتصرف ضمن علاقات مستقلة محملا بصفة واحدة يشعر بها أنها السبيل للوصول إلى كرسي الحكم وتأثير الشخصية السياسية لا تقتصر على (الكرسي) فكثير من الشخصيات السياسية رفضوا هذا الكرسي وذهبوا يبحثون عن ساحات للنضال لهم . وإنما كانوا دعاة على تغير أيدلوجية معين فكثير ممن الشخصيات تبؤ مناصب دون تؤثر بمجتمعهم وتعتبر فيها. أن لكل مرحلة حاضرة تجربة جديدة ومن ثمة تكون الشخصية بناء مستمرا يختاره الفرد بوعي منه فالشخصية السياسية ليست إنتاجا هندسيا، ولا هو وراثيا لأن النتيجة هنا تأتي مخالفة لكل الافتراضات المنطقية لصناعة التغير من أهم السمات التي تجعل الشخصية السياسية قوة تغيرية.
هي الرؤية الواضحة التي تنبثق عن منهج أو مشروع عملي واضح المعالم، واحتواء كل طبقات المجتمع بكاريزما مطبقا بذلك السلوك في التعامل وفق بناء صحيح ومتوازن والابتعاد على عناصر الأنا واتخاذ الخطوات الصحيحة وفق معاير الأنا الأعلى و القرارات السياسية التي تأتي خلافا لذلك تأتي بصورة ساذجة أو طائشة ما سيقود الرعية إلى التيه والضياع وفقدان البوصلة التي تشير إلى الاتجاه الصحيح. وما نجد في الساحة السياسية مع الأسف الشديد أفكار تهدف إلى تخويف الناس وإرهاب ومن يعارض القائد أو الحزب أو الدولة أو يتخذ موقعاً معادياً لها يتعرض إلى السلاح الأساسي هو القمع وكم الأفواه وبالتالي لسحق المعارضة بغية البقاء في السلطة...... يقول الدكتور أنيس صانع في مذكراته التي عالج فيها "مفهوم الزعامة السياسية من فيصل إلى جمال عبد الناصر" لو قلبنا صفحات التاريخ السياسي المعاصر للعالم العربي في أقطاره المختلفة لوجدنا أن مجموعة من الزعماء ألأكثر شهرة تنقسم إلى فئات ثلاث: "عاهل دولة، أو رجال ثورات أو انقلابات، ورجال أحزاب" و قد لا يوجد بين هؤلاء كلهم رجل فكر واحد.
ومن هنا استطاعت تلك الأنظمة بالادعاء بأنها هي الشعب ذاته دون أن تكون قد تسلمت المسؤولية من ذلك الشعب بالانتخاب الحقيقي ودون أن يكون هذا الشعب قد فوضها بأن تنوب عنه أو تمثله بشكل ايجابي بالانتخاب فلابد للشخصية أن تكون مرتبطة ارتباطا مع الفرد في المجتمع ، وفق سلوك سياسي يحمل سمات الثقافة والكاريزما وتدارك الظروف وأدوات التغير وهذه الرابطة الحاسمة هنا هي رابطة متماسكة التي تجعل السلوكيات الشخصية السياسية مقبولة رغم أن الحال قد تكون معكوسة تماماً لدى البعض من الشخصيات السياسية الذي ترتكز على تأثير على جانب واحد في التأثير فالمقبول يصبح مرفوضاً والمرفوض مقبولاً، فلابد من تحويل العمل الفردي إلى الجماعي، ولو جزئياً في مراحله الأولى، من خلال الإحساس بالمصير المشترك أذا ماردنا أن نتكلم عن الشخصية السياسية فلا اعتقد أن هناك قائد أو زعيم وصل إلى هذا الرقي في قيادة سواء في زمن الانقلابات أو الانتخابات مازال فكر الحاكم في الدول شرقنا المتوسط بعيد جدا عن هذا المفهوم وعاجز عن فهمه فلابد على الشخصية السياسية أن تدرك حقيقة الأمر بالخدمة المطلقة للشعب و تلتزم حقوقه...
  عدنان الدوسري

 كاتب وباحث عراقي

الأحد، 22 يناير 2017

لحظات مع الوسادة

تنساب الاهداب ببطء ويغدو راسي على وسادتي التي طالما تكون معي في كافة رحلاتي   ...
اتعبتني رحلة أمس
 اربت عليها بحنان وهي تحضن راسي وتغبطه بشغف.
 يذهب خيالي في عالمه.... تساوره الظنون...ابحث... عن ضالتي .... وأي بحر أنا من الجنون .... أفق بعيد... وسور طويل. وإمدادات للأرض
يأتي صوتها مسرعا ليمنحني نوعا اخر من ارق جديد.
 صورتها تربك ذاكرتي .... الوجوه تتشابه عندي في هذه اللحظة
أسالها. من تكونين؟
تنظر ألي وعيناها الجميلتان تخترقني وتكسر كل صمتي وتلغي لحظاتي
_ إلا تعرفني؟
أحاول عبثا ان أجد في مخيلتي وأصابعي تدور بذاكرتي ابحث عن شيء يذكرني باسمها. امام زحمة الوجوه تلاشت بعض الذكريات 
أحبو برمال صحرائي لعلي اجد بعض اثارها 
 لكن دون جدوى
من يعيد لي ذاكرتي القديمة ؟؟
 راسي يؤلمني لا أستطيع ان اتذكرها ...
_من يحلم أن يكون مثلي فأنا محض من بقايا هموم أتلفت ذاكرتي تلك الحانات وتسكعي بأرصفة المدن القديمة  التي مازال عقد قراني عليهن نافذ المفعول !!!
أجالس على الاريكة الممتدة وانظر اليها احضن أحزاني اشعر بخيبة امل
 فجأة تَمد...يدا إلى تتخلل بين أضلعي أشعر ببرودة شديدة هل ممكن أن تكون هي
ذاك الوجه الجبلي الجميل والعينان اللامعتان أن تلمسني... لا... لعلة حلم أو خيال.... ربما أنها أحلام الفقراء!!
لا ...لعلي كنت احلم أن يديها لامست أضلعي    
أوقد سيجارتي  ساعتي تشير بعد منتصف الليل بعد ارق طويل ... وأنا انتظر لحظة سحقها بين بقايا السجائروانا احارب ليلتي  بذلك الدخان المتصاعد ليشكل حلقات ويدور وتدور بي الافكار
- تبتسم بوجهي وتهمس  (أنا مولاتك لن تستطيع ان تهرب مني)) أنا بين أوراقك اتسلل اليك عبر نوافذك المطله على عناوين يومياتك
مهما طالت لحظاتي سوف اهرب منك وإليك   اتجه الى عالمك الافتراضي أنسجة بيدي - انهض وأغادر وسادتي المتعبة ومازالت عالقة  بذهني اخر كلماتها  انا بحاجة اليك
 وأنا اكتب الحلم الاخر

 عدنان الدوسري
شاعر وكاتب عراقي مغترب

الأربعاء، 11 يناير 2017

لغز المحبة




مهما بلغنا من العمر وقرأنا الروايات والقصص القصيرة والصحف والمجلات وشاهدنا التلفاز وما يمتلكه من قوة الانبهار بعالم المرئي تبقى تلك الحكايات الخرافية والاساطير التي كنا نسمعها من الجدة راسخة في أذهاننا حيث نجتمع حولها كالفراشات لنستمع لها بشغف وحدقات عيوننا. وانظارنا تحيط بها وتحصى كل حركة من حركاتها. وهي تروي لنا عن الغول(السعلوة) وحكايات ابى زيد الهلالي وحكايات الذئب وكيف كانت تختم قصتها بالعلامة المسجلة لها (لو بيتنا قريب نأتي لكم الحمص والزبيب) مصحوبة بابتسامتها المعهودة. وبعدها نخلد للنوم. وكنا نحلم بتلك القصص او بذلك الفارس المغوار وهو يقتل الغول....
لم تكن قصص عادية تمر بنا إنما كانت تهذب خيالنا الطفولي وتمنحنا سلوكيات الأبطال أما الآن من يحكي للأطفال هذه القصص هل أصبحت ألعاب الفيديو بديلا عن قصص الجدة؟
وماهوا الأثر النفسي الذي تتركه تلك الألعاب بعقول أطفالنا حيث فقدنا التواصل البشري والغينا تلك المتعة والفائدة بتكوين الصورة الذهنية للطفل ولا أريد هنا أن أتكلم عن التأثير الطبي والتشنجات التي تصيب الطفل بهذه الألعاب حيث أصبحت سلوكيات اطفالنا تتغير نحو العنف والهيجان الانفعالي وانخفاض المعدلات اللفظية لهم. وكل هذا بسبب تلك الالعاب الكترونية التي لا تخلوا من العنف الدموي والمشاهدات التي تحفز العقل على الاثارة والعنف وتركيز الانتقام حيث تظهر عليهم أعراض الانسحاب والعزلة والتباطؤ الذهني ويموت بشكل او باخر الادراك الذهني لديهم والذنب لا يكمن في تلك الممارسات انما للعائلة ذنب أكبر، ففي بعض الأحيان يمكن أن يكون الطفل نفسه عاجزا عن التعبير عن مشاعره. فيتم بذلك عبر سلوكيات غريبة الهدف منها التعبير المعاكس.
حيث لوحظ ان مخيلة الاطفال بدأت تنمو ببط شديد على تكوين رؤيا خاصة بهم وهذا الشيء وواضحا للجميع حيث لا تخلوا حقيبة طفل من الايباد أو الهاتف الخلوي الذي لا يفارقه على طوال اليوم ...وهنا يعطينا سبب آخر وهو خلو الأسر من محاكاة الطفل وعدم وجود الحوارات المفتوحة والقصص الشعبية. ومع الاسف أصبحت الحارات والازقة تخلو من الالعاب الشعبية التراثية ...لو كان هناك ترابط أسرى بالموروث الشعبي لأصبح أطفالنا مولعون بها كما كنا سابقا ومازالت ذاكرتنا تحتفظ بتلك القوانين للألعاب لو كنا اخرجنا هذه الألعاب الى أطفالنا لما أصبح أطفالنا عرضة لهذه الافلام التي تزرع العنف بهم منذ الصغر.
ومع كثرة عدد المتشددين والمتطرفين الذي خرج نتيجة هذا العنف والسلوكي والنمطي وكان أحد أسباب هي تلك الصور الذهنية للعنف منذ الصغر حيث لعبت دورا أساسيا بتكوين هذه المشاهدات الدموية وبدأ العقل الباطن بإفرازها كسلوك متطرف! فلابد من فك هذا اللغز ...لترجع تلك العقول المغيبة الى رشدها وإيقاف تزايد العنف الصوري.
 وتندرج هذه الظاهرة في علم النفس تحت مصطلح الحنان والألفة بين أفراد الأسرة. وبحسب شبكة "سي ان ان" الامريكية، ونقلاً عن دراسة نشرتها دورية "الأكاديمية الوطنية للعلوم" في الولايات المتحدة، فإن الأطفال والاحداث الذين يحظون بحنان أسرى يسجلون نمواً واضحاً في مناطق الدماغ المسؤولة عن التعليم والذاكرة والتعامل مع ضغوطات الحياة. وقد بينت أخصائية علم نفس الأطفال التي عملت على الدراسة، جوان لوبي، أهمية الاكتشاف، قائلة: "لقد أهملت الأبحاث السابقة النظر في مدى أهمية الشعور بالعطف والحنان بالسنوات الأولى من عمر الأطفال"، مضيفة أن الضرر الذي يصيب دماغ الطفل بسبب قلة الحنان والعطف يصعب تعويضه في السنوات اللاحقة حتى مع تبديل سلوك الأهل. وقالت الدراسة إنها أثبتت من خلال هذا الاختبار "الرابط المباشر بين التطور السليم لمناطق أساسية في الدماغ تؤثر على حياة الإنسان وبين العلاقات العاطفية التي يعيشها".
 ليس عيبا أن نجلس مع أولادنا لتحكي لهم قصصا جميله تمتعهم بها ولتمنحهم بذات الوقت أشياء كثيرة من الحب والحنان والألفة. ...وبالنهاية وكما تقول جدتي لو بيتنا قريب تأتي لكم بالحمص والزبيب. ..
عدنان الدوسري
باحث وكاتب عراقي مغترب

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

فساد الرأي وجدلية النقاش



فساد الرأي وجدلية النقاش


بالرغم من المتغيرات التي طرأت على عالمنا يبقى الإنسان هو المحورالذي يدور وسط هذا التغير متلقيا ومتغيرا وفق معطيات التأثير له. وتلك التحديثات في مختلف الاتجاهات بدأت تحدد بوصله الاتجاهات والمفاهيم من الوسائل الثقافية عبر التواصل الاجتماعي والمرئي والمسموع والمقروء. حيث ان المفاهيم التي تنشا بتلك اللبنة هي الأولى في تكوين العلاقة بين الكاتب والقارئ، فمن خلالها يتم التعاقد بينهما على المفاهيم الدلالية والمعاني للمفاهيم، كما أنها تعد الأساس الذي تبنى عليه الحجج والبراهين التي تدعم الآراء والأفكار المطروحة في الادراك،ولعل هذا الكم من المتغيرات يجعل الإنسان عرضه للسؤال والطرح .وتبقى استجابته وفقا لمعاييرالإدراك الثقافي للإنسان، ومن خلال قراءاتنا المتنوعة لكثير من الكتب والأبحاث في الأدبيات الثقافية العربية، يبقى مفهوم الأدراك الثقافي مفهوما واسعا ومشتتا .وقد اختلف الباحثيون في تحديده وذلك حسب المنظور الذي ينطلق منه الباحث .والرؤية التي تؤطر ذلك المنظور، فالبعض يتحدث عن الابعاد الثقافية والاجتماعية، والبعض الآخرعن الاقتصاد وتأتي الاستنتاجات وفق هذه المصادر التي تخلو أغلبها من مصادر علمية أو مجهولة المصدر ولكن العقل البشري يستقبلها ويحللها وفق التراكم الثقافي فإذا كانت هذه العقلية البشرية ذات مراجع يستند اليها بكل قراءاته فإن ما يطرحه للآخر يكون ذا قيمة عالية .وفقا لهذا التكوين الادراكي فهناك ما يقع في مطب الفوضى الفكرية، وقد يصعب وضع حد فاصل بين الثقافة السطحية والثقافة المتزنة، إذا نظرنا إلى الثقافة على أنها ثمرة إبداع وإنتاج المثقفين والمفكرين فهي – في نفس الوقت – تلعب دوراً كبيراً في تكوينهم، فهي بلا شك خاضعة لآلياتها الفكرية، ومفاهيمها، وأفكارها، ونظمها المعرفية التي تكون البنية الثقافية التي ينتمون إليها، أما الثقافة التي ينفتح عليها المثقفون وينهلون من منابعها فهي تشكل حقلاً مرجعياً لهم، وطريقة إعادة إنتاجها، وفق معايير تخدم القارئ، ولو قلبنا المعادلة لوجدنا هناك الكثير ممن يخوض بجدليه الرأي دون الوقوف عند نقاط التلاقي وهذا ما يحدث في عالمنا العربي نتيجة علاقة التمييز بالتنافر والتنابذ والصراع، ولعل بعض الصراع يغيب فيه التواصل والحوار بينهما نتيجة الاستنباطات المغلوطة التي يستقبلها العقل وطرحها دون إدراك أو تحليل ولا يمكننا أن نسمي هؤلاء بالطبقة المثقفة ففساد الرأي والنقاش العقيم لا يأتي من عقول نيره عرفت أسلوب النقاش وتبادل الآراء. ومن هنا تأتي الانعكاسات نتيجة ما يطرأ على عقولنا من مقالات وعناوين للصحف دون دراية بالمفهوم المهني للإعلام بشكل كبير.والذي يعتبر الجانب التووعي الذي يعكس توجهات عقول لها أيديولوجيات تحاول عبر هذه الوسائل إيصال أفكارها عبر هذه الطبقة التي تعتمد على القراءات الغير منهجية عبر هذه المفاهيم ومن هنا تأتي الجدلية التي تنقصها المعايير. وهذا ما نلمسه من واقع مرير الآن. ومن يتشبث بآية قرآنية ولا يعرف حتى أنها ناسخه أو منسوخة مدنية كانت او مكية ولا حتى أسباب نزولها ويفتي وينحر الرقاب وهو لا يفقه شيئا من الإسلام. والقياس على باقي العلوم والشيء بالشيء يذكر. كنت بنقاشا مع أحد ممن يدعون بمعرفة بالطب البديل وكنا نتكلم عن تاريخ بعض العلوم الطبية حتى استطرقنا الى ((الحجامة)) وأوضحت له أن الحجامة لها تاريخ عبر العصور وأعطيت له ادله بذلك وإذا به يقول لي (لا تشرك) لم استوعب ما قيل وكررت له هل انت تعي ما تقول وإذا به يصر أنها من الأصل إسلامي وانكاري لذلك هو ((شرك أصغر ؟؟؟))
لقد علمتنا الثقافة العربية قواعد وأصول البحث عن المعلومة وإذا أثبت بالدليل القاطع ما يخالف مفهومك السائد فاعلم ان هناك خطأ فيما ورد إليك سابقا، فعلى الكاتب أو الصحفي أن يكون أكثر علميا في الطرح ولا يكون مجرد مرآة تعكس الحياة اليومية وبالنتيجة سوف تصنع من مقالتك أداة صورية دون إدراك واعي وهنا سوف توقف التحليل المنهجي له إلا قليل مما يدركون ذلك.


  عدنان الدوسري
كاتب وباحث عراقي


الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

لعله يجدي.....







لم تعد القدوة سبيلا معروفا في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير وواسع وهذا ما يجعلنا أكثر تأثيرا وعرضه للتأثيرات المجتمعية والتربوية بشكل خاص ومما يؤدي ذلك إلى فقدان العنصر الإيجابي في مخرجات التعليم ودور المعلم القدوة  حيث يجعل هناك ثغرة في ذات الإنسان ومما لاشك فيه أن التأثيرات المضادة تلعب دور الصراع عبر وسائل المسموعة والمرئية وهنا تتولد فكرة صناعة القدوة لذات الاختلاف المجتمعي أو حتى عقائدي .ويخرج لنا شخص من بين ثنايا الإعلام يرمي لنا بعض النصائح التي لا تغني عن جوع .فكيف للمتلقي أن يستجيب لك وقد غرق في غياهب التصور الذاتي لقدوة مغايرة لمعطيات مجتمعاتنا العربية التي بدأت تفتقر هذا المدلول .ومع الأسف بدأنا نتعرض لهيكلة مغايرة تماما عما وجدنا آبائنا عليه ...لو نظرنا إلى افلام (سوبر مان) أو( بات مان) الخ من المسميات ونحن نشاهد نستمتع بتلك اللقطات والبطولات التي يحققها هؤلاء الخوارق من أجل امريكا ..
هل سأل الإعلام العربي نفسه لماذا تصرف استوديوهات هوليود ملايين الدولارات من أجل تلك الافلام ...
الجواب سيكون كالعادة تنظريا ومملا دون أن تفهم شيء . ...
إنهم يصنعون القدوة لمجمعاتهم ويبثون رسائل ضمنية تعدل سلوكيات مجتمعية .من دون ندوات ومؤتمرات وحملات توعية كما نقوم نحن دون دراسات عن موطن الخلل ... 
هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة ؟ 
كثيرا ما طرحت هذا التساؤل  إلى زملاء العمل أو أساتذة التعليم وحتى الناس البسطاء وكان الرد مذهلا من الجميع .
القدوة مطلوبة  وهي مؤثرة بشروطها ومعطياتها ولا أقصد كما هو الآن ممن يتخذ الفاشنيستا أو نجوم الملاعب أو الإعلانات قدوة  لهم ...
بطبع لا . المقصود هنا التأثير التوعي والإيجابي للفرد والمجتمع ومن وجهة نظري لابد من تكثيف العمل على إزالة تلك الترسبات ومن ثم تأتي النصائح الخاصة والعامة لتأخذ مجراها التأثيري في التغير السلوكي  الذي بدا لا يستجيب بشكل كامل لما تطرحه المفاهيم الدينية والاجتماعية وحتى نكون اكثر انصافا مع انفسنا لكون هناك ترسبات سلوكية راسبة في العقل الباطن فعلينا تنقيه تلك الترسبات وبعض سلوكيات المجتمع التي تضطهد الانسان  فكيف تريد من مجتمع يتصرف بشكل حضاري وهو مضطهد في البيت او المدرسة ويمارس ضده كافة وسائل الخنق الابداعي ؟ فعلينا ان نبدأ بصناعة الانسان القائد ليكون جزء فعال في الاسرة والمجتمع . 
 عدنان الدوسري
 كاتب وباحث عراقي

السبت، 3 سبتمبر 2016

انا اكره الانتظار

                                         

لعلي ادركه........
 كان الممر طويلا   وقفت اسحب انفاسي الذي  اتعبتها التدخين وما عادت رئتي تساعدني على الهاث
اسال  الممرضة
  اين غرفة 35 Where the room 35 ))  مازالت لغتي  الافرنجية بطيئة   
 اشارت الي  بأصبعها   عاودت المسير  مسرعا  تدور حولي صورته  وأخر كلامه معي  ليلة  أمس. 
كان خائفا لعله  هل ينتظرني كعادته اعلم  انه لا يهتم بمواعيده _ اعرفه جيدا  ولكنه كان يكره الانتظار نظراتي  تراقب الممر   
 توقظني لافته مضيئة   (غرفة 35 - room 35) ادخل سريعا لعلي اجدة 
 .. كانت الردهة مشرعة الستائر من كل جانب والهدوء المرعب يعصرني  ونظراتي 
تتأمل الجدران الخاوية  وتلك  اللائحة المكتوب عليها (الهدوء رجاء) لعل الصمت هنا يأتي بشيء من الحزن وتلك النوافذ التي مازالت تستقبل زخات المطر التشريني .
اخرج بصمت  ....اذهب الى  الاستعلامات اسال عنه وقدمي تخطو بحزن وقلقا متعب 
..  – Where my friend who was lying in the room of 35.
أين صديقي الذي كان يرقد في غرفة  35.  ولهاث صوتي يتردد بالنَّفَس كالاحتضار
- نظرت الي  بحزن شديد
-  (   I arrived late, he is now lying peacefullوصلت متأخرا  انه  يرقد الان  بسلام) 
..شعرت ببرودة اجابتها  تغزو كل خلية  بجسدي الستيني وهمت  اخطو 
صوت يأتيني  عن قرب 
لحظة لقد وجدنا هذه الاشياء وهذه الورقة تركها لك
Wait a moment and I've found this stuff and this paper left you)
استلم من يداها 
كيس ورقي باهت وخطوط بكسراته العشوائية  مازالت مرسومة عليه ... 
لم تعنيني اشياءه   سوى  تلك الورقة  شغلتني ان  افتحها
صديقي العزيز....
اعلم انك ستأتي  كعادتك ولكني  كنت  اترجى  الموت ان يتأخر  قليلا  لكنه  لم يأبى  بذلك 
منذ تركتني  لية امس وأنا ابحث  عن صورة لبلادي  او اسم له في صحيفة   فلم اجد إلا (صحيفة التايمز)  الذي تنشربعض ما يحدث لهذا الوطن المفجوع   .. وفي زحمة الحنين  والوقفة والسؤال احتضنت تلك  الصفحة التي فيها خبر الموت الجاري لوطني لعلي اشم بها رائحته 
 _حينها تذكرت مظفر النواب  (مطر..كلش مطر والشارع مغوش... حكي وريحه ناس مالك شغل بيهم ....عينك مراية وقت مابيها أحد ...كنها ورقه يانصيب انتهت .....وتدور الجرايد بلكي ريحة وطن.
اسف يا صديقي  ذهبت  دون ان اقول لك اسف  انا اكره الانتظار..
 عدنان الدوسري
كاتب عراقي مغترب

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

  هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟ لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى...