كثيرا ما نقرا أو نسمع بتنمية البشرية وربما كثيرا منا شارك بدوراتها ومنح شهادات بذلك والحقيقة ان اغلب الناس تجهل هذا المفهوم.
التنمية البشرية
هي منظومة شاملة، اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف الى تحقيق تقدم مستمر في حياة جميع السكان ورفاهيتهم،
وهذه المنظومة تقوم على أساس مساهمة جميع الإفراد بشكل نشيط وحر في التنمية، وعلى أساس التوزيع العادل لعائداتها
* لذا نلاحظ الجمعية العمومية للأمم المتحدة تقر بان الإنسان هو الموضوع المحوري بالتنمية، وان السياسات التنموية يجب ان تجعل من الكائن الإنساني المشارك الأساسي في عملية التنمية، والمستفيد الأول منها هو الإنسان، وتقر بان أيجاد الشروط المساعدة على تنمية الشعوب والإفراد، هو المسؤولية الأولى للحكومات، كما أنها تدرك أن الجهود العالمية المبذولة من اجل تطوير الالتزام بحقوق الإنسان والدفاع عنها، لابد أن تتلازم مع جهود مماثلة من اجل أقامة نظام اقتصادي عالمي جديد،.وفي تقرير المسمى "مبادرة من اجل التغيير"، عرف جيمس سبيث المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية المستدامة على النحو " التنمية البشرية المستدامة: هي تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل أيضا. وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم؛ وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم. أن التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح كافة الناس ، وتوفير فرص عمل، وحقوق لصالح المرأة. أنها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهما الأنصاف والمكونات الأساسية لمفهوم الأنصاف في التنمية البشرية ويقع مفهوم الأنصاف في قلب مفهوم التنمية البشرية المستدامة، باعتباره احد مكوناته الأكثر أهمية، والتي تصنع جوهر تميزه عن نظريات النمو الاقتصادي ونظريات التنمية التقليدية. ويستخدم مصطلح الأنصاف هنا بديلا عن مصطلحي المساواة والعدالة الأقرب إلى الخطاب الاجتماعي الذي ساد في حقبات سابقة. ويتميز مفهوم الأنصاف عن المفهومين السابقين بكونه يركز على تكافؤ الفرص، على الوسائل والمداخلات لا على النتائج والمخرجات، ويلتزم بمبدأ تحميل الفرد مسؤولية الإفادة منها، وذلك كي لا يأتي المفهوم متعارضا مع الميل السائد نحو تقليص دور الدولة كمسئول شبه حصري عن تأمين الحاجات الأساسية وتأمين العدالة.إلا أن مفهوم الأنصاف، مع محدودية اعتباره كتكافؤ في الوصول إلى الفرص بشكل متكافئ، فانه يتطلب أعادة هيكلة جذرية في علاقات القوة في المجتمع، ويشمل ذلك:
* تعديل توزيع ملكية الأصول الإنتاجية، لاسيما تحقيق أصلاح زراعي.
* تحقيق تكافؤ الفرص السياسية من خلال أصلاح نظام الانتخاب
* إلغاء المعوقات الاجتماعية والقانونية التي تحد من وصول النساء والأقليات إلى بعض المواقع المقررة في الشأن السياسي والاقتصادي
والنمو الاقتصادي، والتطور المضطرد في إنتاج الثروات، وتحسين الإنتاجية، هي من الشروط الضرورية لتحقيق التنمية، لكنها ليست شروطا كافية. إلا أن مفهوم التنمية البشرية لا يوافق على مقولة تعارض النمو الاقتصادي مع تحقيق الإنصاف، وضرورة اختيار أحدهما. "لقد أثبتت التجربة بطلان النظرة التقليدية التي كانت ترى أن مراحل الإقلاع الاقتصادي لا بد أن تقترن حكما بتراجع الأنصاف في توزيع الثروة. أن النظرة الجديدة تتميز باقتناعها بان التوزيع العادل للموارد العامة والخاصة من شأنه أن يعزز فرص النمو الاقتصادي". وعلى هذا الأساس، نرى أن مفهوم التنمية البشرية المستدامة، يركز على زيادة النمو والإنتاجية بالتلازم مع تحقيق التنمية البشرية. ويرى المفهوم الجديد أمكانية تعزيز الارتباط الايجابي بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي أذا تم أتباع السياسات التالية المرغوب بها:
أولا: التركيز على الاستثمار في التعليم والصحة، وتطوير مهارات الناس.
ثانياً: التشديد على بلوغ توزيع أكثر عدالة للدخل والأصول الإنتاجية.
ثالثا: خلق فرص عمل أفضل بشكل مستمر.
رابعاً: اعتماد سياسة مناسبة للإنفاق الاجتماعي، تتضمن قيام الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية الأساسية، وإنشاء شبكات الأمان الاجتماعي الضرورية، بالتلازم مع تمكين الناس وتقوية قدراتهم.
. الاستدامة
لا يقتصر مفهوم الاستدامة على البعد البيئي وحده، بل هو يعني أن تكون "التنمية عملية شاملة لسياسات اقتصادية وتجارية واجتماعية، تجعل التنمية عملية قابلة للاستمرار من وجهة نظر اقتصادية، واجتماعية وبيئية".
ويتطلب ذلك:
* عدم توريث الأجيال القادمة ديونا اقتصادية، او اجتماعية، تعجز عن مواجهتها.
* عقلنه استثمار الموارد الطبيعية، وما يتطلبه ذلك من تعديل في أنماط النمو ومعدلاته، والتكنولوجيا المستخدمة.
* تعديل أنماط الاستهلاك المبددة للموارد الطبيعية والتي هي غير قابلة للاستمرار.
* تحقيق العدالة والإنصاف في العلاقات الحالية،.
. التمكين
ينظر مفهوم التنمية البشرية المستدامة الى الناس باعتبارهم فاعلين في عملية التغيير الاجتماعي، وليسوا مجرد مستفيدين يتلقون النتائـج دون مشاركـة نشيطـة.
وبهذا المعنى، فان مفهوم التمكين هو أيضا من المكونات الأساسية للتنمية، وهو يعني أن يتمكن الناس من ممارسة الخيارات التي صاغوها بإرادتهم الحرة.
يتطلب تمكينهم من القيام بدورهم هذا:
* وجود ديمقراطية سياسية يتمكن الناس من خلالها من التأثير في القرارات المتعلقة بحياتهم.
* وجود حرية اقتصادية بحيث يكون الناس متحررين من القيود والقواعد القانونية المبالغ فيها والتي تعيق نشاطهم الاقتصادي.
* وجود سلطة لا مركزية بحيث يتمكن كل مواطن من المشاركة في إدارة حياته الوطنية والمحلية، انطلاقا من مكان عمله او سكنه
عدنان الدوسري
كاتب عراقي مغترب