الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

كيف نرتقي وفق الاحتياج


كيف نرتقي وفق الاحتياج
  تعد التأثيرات السلوكية للفرد في أي مجتمع هي نتيجة ثقافات وموروثات اجتماعية وصور ذهنية مبنية على رسائل ضمنية من قبل عوامل محيطة بالفرد حيث تبدأ من المحيطين للفرد اجتماعيا وتنتهي من التأثيرات السمعية والبصرية وقد يكون الإعلام الموجه وحتى نغير هذا كله لابد علينا تطبيق الأنظمة العلمية للتغير وفق معطيات تبدأ من سد الاحتياج حتى نصل إلى إرضاء الذات ومن ثم الابتكار وهذه أسمى غاية لدى الانسان. وعندها يصبح لدينا شعب واعي يصل الى الادراك في الرقي في التعامل وحينها يمكننا أن نطلق عليه شعب متحضر!
 فكيف لي أن أطالب من الشعب التغير وهو لم يصل إلى إرضاء الذات والابتكار. وهنا لا نقيس على حالات الاستثناء التي تحصل هنا وهناك فهذا ليس قياس لترقي الشعوب. لقد قرأت بحوث نفسية كثيرة تتعلق بتأثير بالمؤثرات (الاجتماعية والمرئية والسمعية) في وطننا العربي وللأسف جميعها كانت محبطة لكون هذه المؤثرات كانت تحمل صفات ترويجية لهدف او غاية معينة فحسب دون مراعاة لقيمة الانسان العربي ورقيه ورفع مستواه الادراكي والإبداعي. وهذا مما جعل المواطن العربي تنخفض قدراته وبدأ يعكس صورة المذهب والقبيلة ناسيا هناك وطن؟
 إذا أردنا خلق مجتمع متناميا وفق معايير الرقي لابد من توفير القواعد الأساسية من البنية وفق نظام هرمي تعارف عليه علماء النفس والاجتماع
 القاعدة الاولى. الاحتياج الاساسي
 وتسمى البيولوجية او الفطرية وهي قاعدة البنية الاساسية في حاجات الاساسية للفرد مثل (التعليم _ الطعام – الشراب – الماء – الهواء) وتقوم هذه الحاجات بتوجيه سلوكنا وتظهر اثار هذه الحاجات اثناء الحرمان الشديد حيث يصبح اشباعها هو المهيمن على سلوك الفرد. ولا ينتقل الفرد الى المستويات العليا في البنية إلا إذا أشبع هذه الحاجات. وهذه تمثل المستوى الأول والأدنى من الاحتياجات، وهي تتعلق بالاحتياجات الأساسية الضرورية للمعيشة
القاعدة الثانية الاحتياج للاستقرار الامني
تعبير عن شعور الفرد بالاطمئنان والسلامة والأمن للذين يتعرضون الى مواقف غير مألوفة لأشياء تهدد بقائهم مثل (الكوارث – الفيضانات – الحروب – الامراض – البراكين – السلامة _الجسدية من العنف والاعتداء الأمن الوظيفي-أمن الإيرادات والموارد -الأمن المعنوي والنفسي-الامن الاسري – الامن الصحي -الزلازل) ويمتد الامن الى الامن النفسي والأمن الروحي. وهو من الاحتياجات يتضمن حاجة الفرد إلى الأمن والحماية والأمان في أحداث حياته اليومية، الجسدية والمرتبطة بالعلاقات ذات طبيعة واحتياج للاستقرار

  القاعدة الثالثة الاحتياجات الاجتماعية 
  ترتبط هذه القاعدة بالسلوكيات الاجتماعية (العلاقات العاطفية – العلاقات الاسرية – اكتساب الاصدقاء) تعتمد على أساس رغبة الفرد في أن يكون مقبولا كعضو في فعال في المجتمع ، ويتضمن الرغبة في الحب والعطف و ان يشعر الفرد الى ان يحب والى ان يكون محبوب والى ان يكون جزء من المجتمع وهي غريزة ايحائية  للانتماء ومن هنا فهو يتعاطف مع افراد أسرته ومع افراد خارج أسرته وهو يشعر بالضيق عند غياب الاصدقاء عنة وهنا تتجلى وتظهر هذه الحاجة عندما يتعاون الفرد مع افراد مجتمعة .وعلى العكس فان التمرد والعصيان المدني نتيجة عدم اشباع هذه الحاجة

 القاعدة الرابعة تقدير واحترام الذات
     الفرد هنا يريد تحقيق قيمته الشخصية ويعظم الدور الذي يقوم به في المجتمع وشعوره بالتميز واحترام مجتمعة له وإشباع هذا الامر يعطي للفرد شعورا بالقوة والثقة بالنفس والكفاءة وقيمته وسط المجتمع وعلى العكس قد يشعر بالدونية والعجز والضعف. وهذا الشعور مرتبط بنجاح الفرد في أعماله اليومية وما يعكسه من احترام وتقدير وهذا الاحساس يولد بتوهج للذات والقيمة الانسانية له 

القاعدة الخامسة تحقيق الذات
احتياجات هذه القاعدة مرتبطة برغبة الفرد في أن يحقق ذاته ويبلغ ذروة إمكانياته عن طريق تنمية مستدامة لشخصيته والتجرد من (الانا) واستخدام قدراته والاستفادة منها بأقصى درجة ممكنة من الإبداع في بلوغ اقصى استعداداته بقدراته ومواهبه، وتعمل هذه القاعدة على تأكيد وجود الانسان في المجتمع الذي يعيش فيه وهذا يتحقق حسب رغبة كل فرد فهناك فرد يريد ان يكون طبيب او عالم رياضيات وتحقيق هذا يجعل الفرد متمتع بالصحة النفسية السوية وهذا مرتبط بمستوى طموح الفرد وقدرات ومفهومة عن ذاته

القاعدة السادسة الابداع والرقي
تظهر هذه القاعدة في ميل بعض الناس الى القيم الابداعية حيث يفضلون التنظيم والترتيب والنظام والكمال والجمال وابتعادهم عن الاوضاع القبيحة والتي تسودها الفوضى وعدم النظام. وهذه القيم الجمالية قد تكون موجودة بين المجتمعات التي استطاعت بناء الانسان. 
ومن الضروري ان نعرف أنه لا يمكن الانتـقال من قاعدة الى اخرى دون اشباع الحاجات التي في المستوى الذي قبله، ولا نقصد هنا الاشباع بدرجة 100 % وإنما الإشباع حسب معايير الشخص وتـقيـيمه لتلك الحاجات وأيضا الفروق الفردية التي تختلف بين الافراد وقدراتهم عن بعضهم البعض. احيانا ونتيجة ظروف استثنائية يجد الانسان نفسه في مستويات اعلى في هذا (الهرم) حيث يكون متواجدا على مستويات متذبذبة نزولا وصعودا. ووجود الفرد في مستويات متذبذبة يعني ان اشباع الحاجات التي تؤهله الى مستوى اعلى في الهرم لم يتحقق بالصورة الكافية المطلوبة بالمعنى الحقيقي للإشباع. لذلك يكون التواجد في مستوى اعلى هو وجود ظاهري فقط كمن يركب سيارة حديثه لا يملكها لبضعه ايام ثم يأتي صاحبها ليأخذ السيارة حيث يرجع الاخر ليبقى بدون سيارة على سبيل المثال لا الحصر طبعا. وبهذا النوع من التفاعل الانساني سوف يتواجد قصور في التعامل الانساني يعود بتأثيراته السلبية على التطور الطبيعي للإنسان بصوره خاصة و المجتمع بصوره عامه .

ولكي نتطرق الى احتياجات الفرد ونفهم سبب الخراب وتدهور العلاقات الاجتماعية وتكسر اواصر التكاتف الاجتماعي وانعدام المسؤوليات الفردية والاسس السليمة للحياة الامنة السليمة. وإذا أردنا هيكله أي مجتمع وبناءه من جديد كما فعلت دول كثيرة مثل اليابان وسنغافورة وماليزيا ولهذا فان القواعد السابقة تقودنا الى اعادة فهم تدرج الحاجات بحسب نظرية (ماسلو) وقد وضع الناس في هذه المستويات ويمكن تطبيق هذه القواعد بكل مفصل من مفاصل الحياة (البيت –المدرسة – المؤسسة الحكومية – المنظمات – الخ) والذي لا يعرف أن يتعلم دروس القرون الماضية يبقى في العتمة. وأي عتمة نحن الذي نعيشه فيها الان. اما آن الاوان إن يضم مجتمعاتنا نظريات اعادة هيكلة للفرد والمجتمع، وليس بالخبز وحده يحيى الإنسان.
عدنان الدوسري
 باحث عراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

  هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟ لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى...