الأحد، 22 يناير 2017

لحظات مع الوسادة

تنساب الاهداب ببطء ويغدو راسي على وسادتي التي طالما تكون معي في كافة رحلاتي   ...
اتعبتني رحلة أمس
 اربت عليها بحنان وهي تحضن راسي وتغبطه بشغف.
 يذهب خيالي في عالمه.... تساوره الظنون...ابحث... عن ضالتي .... وأي بحر أنا من الجنون .... أفق بعيد... وسور طويل. وإمدادات للأرض
يأتي صوتها مسرعا ليمنحني نوعا اخر من ارق جديد.
 صورتها تربك ذاكرتي .... الوجوه تتشابه عندي في هذه اللحظة
أسالها. من تكونين؟
تنظر ألي وعيناها الجميلتان تخترقني وتكسر كل صمتي وتلغي لحظاتي
_ إلا تعرفني؟
أحاول عبثا ان أجد في مخيلتي وأصابعي تدور بذاكرتي ابحث عن شيء يذكرني باسمها. امام زحمة الوجوه تلاشت بعض الذكريات 
أحبو برمال صحرائي لعلي اجد بعض اثارها 
 لكن دون جدوى
من يعيد لي ذاكرتي القديمة ؟؟
 راسي يؤلمني لا أستطيع ان اتذكرها ...
_من يحلم أن يكون مثلي فأنا محض من بقايا هموم أتلفت ذاكرتي تلك الحانات وتسكعي بأرصفة المدن القديمة  التي مازال عقد قراني عليهن نافذ المفعول !!!
أجالس على الاريكة الممتدة وانظر اليها احضن أحزاني اشعر بخيبة امل
 فجأة تَمد...يدا إلى تتخلل بين أضلعي أشعر ببرودة شديدة هل ممكن أن تكون هي
ذاك الوجه الجبلي الجميل والعينان اللامعتان أن تلمسني... لا... لعلة حلم أو خيال.... ربما أنها أحلام الفقراء!!
لا ...لعلي كنت احلم أن يديها لامست أضلعي    
أوقد سيجارتي  ساعتي تشير بعد منتصف الليل بعد ارق طويل ... وأنا انتظر لحظة سحقها بين بقايا السجائروانا احارب ليلتي  بذلك الدخان المتصاعد ليشكل حلقات ويدور وتدور بي الافكار
- تبتسم بوجهي وتهمس  (أنا مولاتك لن تستطيع ان تهرب مني)) أنا بين أوراقك اتسلل اليك عبر نوافذك المطله على عناوين يومياتك
مهما طالت لحظاتي سوف اهرب منك وإليك   اتجه الى عالمك الافتراضي أنسجة بيدي - انهض وأغادر وسادتي المتعبة ومازالت عالقة  بذهني اخر كلماتها  انا بحاجة اليك
 وأنا اكتب الحلم الاخر

 عدنان الدوسري
شاعر وكاتب عراقي مغترب

الأربعاء، 11 يناير 2017

لغز المحبة




مهما بلغنا من العمر وقرأنا الروايات والقصص القصيرة والصحف والمجلات وشاهدنا التلفاز وما يمتلكه من قوة الانبهار بعالم المرئي تبقى تلك الحكايات الخرافية والاساطير التي كنا نسمعها من الجدة راسخة في أذهاننا حيث نجتمع حولها كالفراشات لنستمع لها بشغف وحدقات عيوننا. وانظارنا تحيط بها وتحصى كل حركة من حركاتها. وهي تروي لنا عن الغول(السعلوة) وحكايات ابى زيد الهلالي وحكايات الذئب وكيف كانت تختم قصتها بالعلامة المسجلة لها (لو بيتنا قريب نأتي لكم الحمص والزبيب) مصحوبة بابتسامتها المعهودة. وبعدها نخلد للنوم. وكنا نحلم بتلك القصص او بذلك الفارس المغوار وهو يقتل الغول....
لم تكن قصص عادية تمر بنا إنما كانت تهذب خيالنا الطفولي وتمنحنا سلوكيات الأبطال أما الآن من يحكي للأطفال هذه القصص هل أصبحت ألعاب الفيديو بديلا عن قصص الجدة؟
وماهوا الأثر النفسي الذي تتركه تلك الألعاب بعقول أطفالنا حيث فقدنا التواصل البشري والغينا تلك المتعة والفائدة بتكوين الصورة الذهنية للطفل ولا أريد هنا أن أتكلم عن التأثير الطبي والتشنجات التي تصيب الطفل بهذه الألعاب حيث أصبحت سلوكيات اطفالنا تتغير نحو العنف والهيجان الانفعالي وانخفاض المعدلات اللفظية لهم. وكل هذا بسبب تلك الالعاب الكترونية التي لا تخلوا من العنف الدموي والمشاهدات التي تحفز العقل على الاثارة والعنف وتركيز الانتقام حيث تظهر عليهم أعراض الانسحاب والعزلة والتباطؤ الذهني ويموت بشكل او باخر الادراك الذهني لديهم والذنب لا يكمن في تلك الممارسات انما للعائلة ذنب أكبر، ففي بعض الأحيان يمكن أن يكون الطفل نفسه عاجزا عن التعبير عن مشاعره. فيتم بذلك عبر سلوكيات غريبة الهدف منها التعبير المعاكس.
حيث لوحظ ان مخيلة الاطفال بدأت تنمو ببط شديد على تكوين رؤيا خاصة بهم وهذا الشيء وواضحا للجميع حيث لا تخلوا حقيبة طفل من الايباد أو الهاتف الخلوي الذي لا يفارقه على طوال اليوم ...وهنا يعطينا سبب آخر وهو خلو الأسر من محاكاة الطفل وعدم وجود الحوارات المفتوحة والقصص الشعبية. ومع الاسف أصبحت الحارات والازقة تخلو من الالعاب الشعبية التراثية ...لو كان هناك ترابط أسرى بالموروث الشعبي لأصبح أطفالنا مولعون بها كما كنا سابقا ومازالت ذاكرتنا تحتفظ بتلك القوانين للألعاب لو كنا اخرجنا هذه الألعاب الى أطفالنا لما أصبح أطفالنا عرضة لهذه الافلام التي تزرع العنف بهم منذ الصغر.
ومع كثرة عدد المتشددين والمتطرفين الذي خرج نتيجة هذا العنف والسلوكي والنمطي وكان أحد أسباب هي تلك الصور الذهنية للعنف منذ الصغر حيث لعبت دورا أساسيا بتكوين هذه المشاهدات الدموية وبدأ العقل الباطن بإفرازها كسلوك متطرف! فلابد من فك هذا اللغز ...لترجع تلك العقول المغيبة الى رشدها وإيقاف تزايد العنف الصوري.
 وتندرج هذه الظاهرة في علم النفس تحت مصطلح الحنان والألفة بين أفراد الأسرة. وبحسب شبكة "سي ان ان" الامريكية، ونقلاً عن دراسة نشرتها دورية "الأكاديمية الوطنية للعلوم" في الولايات المتحدة، فإن الأطفال والاحداث الذين يحظون بحنان أسرى يسجلون نمواً واضحاً في مناطق الدماغ المسؤولة عن التعليم والذاكرة والتعامل مع ضغوطات الحياة. وقد بينت أخصائية علم نفس الأطفال التي عملت على الدراسة، جوان لوبي، أهمية الاكتشاف، قائلة: "لقد أهملت الأبحاث السابقة النظر في مدى أهمية الشعور بالعطف والحنان بالسنوات الأولى من عمر الأطفال"، مضيفة أن الضرر الذي يصيب دماغ الطفل بسبب قلة الحنان والعطف يصعب تعويضه في السنوات اللاحقة حتى مع تبديل سلوك الأهل. وقالت الدراسة إنها أثبتت من خلال هذا الاختبار "الرابط المباشر بين التطور السليم لمناطق أساسية في الدماغ تؤثر على حياة الإنسان وبين العلاقات العاطفية التي يعيشها".
 ليس عيبا أن نجلس مع أولادنا لتحكي لهم قصصا جميله تمتعهم بها ولتمنحهم بذات الوقت أشياء كثيرة من الحب والحنان والألفة. ...وبالنهاية وكما تقول جدتي لو بيتنا قريب تأتي لكم بالحمص والزبيب. ..
عدنان الدوسري
باحث وكاتب عراقي مغترب

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

فساد الرأي وجدلية النقاش



فساد الرأي وجدلية النقاش


بالرغم من المتغيرات التي طرأت على عالمنا يبقى الإنسان هو المحورالذي يدور وسط هذا التغير متلقيا ومتغيرا وفق معطيات التأثير له. وتلك التحديثات في مختلف الاتجاهات بدأت تحدد بوصله الاتجاهات والمفاهيم من الوسائل الثقافية عبر التواصل الاجتماعي والمرئي والمسموع والمقروء. حيث ان المفاهيم التي تنشا بتلك اللبنة هي الأولى في تكوين العلاقة بين الكاتب والقارئ، فمن خلالها يتم التعاقد بينهما على المفاهيم الدلالية والمعاني للمفاهيم، كما أنها تعد الأساس الذي تبنى عليه الحجج والبراهين التي تدعم الآراء والأفكار المطروحة في الادراك،ولعل هذا الكم من المتغيرات يجعل الإنسان عرضه للسؤال والطرح .وتبقى استجابته وفقا لمعاييرالإدراك الثقافي للإنسان، ومن خلال قراءاتنا المتنوعة لكثير من الكتب والأبحاث في الأدبيات الثقافية العربية، يبقى مفهوم الأدراك الثقافي مفهوما واسعا ومشتتا .وقد اختلف الباحثيون في تحديده وذلك حسب المنظور الذي ينطلق منه الباحث .والرؤية التي تؤطر ذلك المنظور، فالبعض يتحدث عن الابعاد الثقافية والاجتماعية، والبعض الآخرعن الاقتصاد وتأتي الاستنتاجات وفق هذه المصادر التي تخلو أغلبها من مصادر علمية أو مجهولة المصدر ولكن العقل البشري يستقبلها ويحللها وفق التراكم الثقافي فإذا كانت هذه العقلية البشرية ذات مراجع يستند اليها بكل قراءاته فإن ما يطرحه للآخر يكون ذا قيمة عالية .وفقا لهذا التكوين الادراكي فهناك ما يقع في مطب الفوضى الفكرية، وقد يصعب وضع حد فاصل بين الثقافة السطحية والثقافة المتزنة، إذا نظرنا إلى الثقافة على أنها ثمرة إبداع وإنتاج المثقفين والمفكرين فهي – في نفس الوقت – تلعب دوراً كبيراً في تكوينهم، فهي بلا شك خاضعة لآلياتها الفكرية، ومفاهيمها، وأفكارها، ونظمها المعرفية التي تكون البنية الثقافية التي ينتمون إليها، أما الثقافة التي ينفتح عليها المثقفون وينهلون من منابعها فهي تشكل حقلاً مرجعياً لهم، وطريقة إعادة إنتاجها، وفق معايير تخدم القارئ، ولو قلبنا المعادلة لوجدنا هناك الكثير ممن يخوض بجدليه الرأي دون الوقوف عند نقاط التلاقي وهذا ما يحدث في عالمنا العربي نتيجة علاقة التمييز بالتنافر والتنابذ والصراع، ولعل بعض الصراع يغيب فيه التواصل والحوار بينهما نتيجة الاستنباطات المغلوطة التي يستقبلها العقل وطرحها دون إدراك أو تحليل ولا يمكننا أن نسمي هؤلاء بالطبقة المثقفة ففساد الرأي والنقاش العقيم لا يأتي من عقول نيره عرفت أسلوب النقاش وتبادل الآراء. ومن هنا تأتي الانعكاسات نتيجة ما يطرأ على عقولنا من مقالات وعناوين للصحف دون دراية بالمفهوم المهني للإعلام بشكل كبير.والذي يعتبر الجانب التووعي الذي يعكس توجهات عقول لها أيديولوجيات تحاول عبر هذه الوسائل إيصال أفكارها عبر هذه الطبقة التي تعتمد على القراءات الغير منهجية عبر هذه المفاهيم ومن هنا تأتي الجدلية التي تنقصها المعايير. وهذا ما نلمسه من واقع مرير الآن. ومن يتشبث بآية قرآنية ولا يعرف حتى أنها ناسخه أو منسوخة مدنية كانت او مكية ولا حتى أسباب نزولها ويفتي وينحر الرقاب وهو لا يفقه شيئا من الإسلام. والقياس على باقي العلوم والشيء بالشيء يذكر. كنت بنقاشا مع أحد ممن يدعون بمعرفة بالطب البديل وكنا نتكلم عن تاريخ بعض العلوم الطبية حتى استطرقنا الى ((الحجامة)) وأوضحت له أن الحجامة لها تاريخ عبر العصور وأعطيت له ادله بذلك وإذا به يقول لي (لا تشرك) لم استوعب ما قيل وكررت له هل انت تعي ما تقول وإذا به يصر أنها من الأصل إسلامي وانكاري لذلك هو ((شرك أصغر ؟؟؟))
لقد علمتنا الثقافة العربية قواعد وأصول البحث عن المعلومة وإذا أثبت بالدليل القاطع ما يخالف مفهومك السائد فاعلم ان هناك خطأ فيما ورد إليك سابقا، فعلى الكاتب أو الصحفي أن يكون أكثر علميا في الطرح ولا يكون مجرد مرآة تعكس الحياة اليومية وبالنتيجة سوف تصنع من مقالتك أداة صورية دون إدراك واعي وهنا سوف توقف التحليل المنهجي له إلا قليل مما يدركون ذلك.


  عدنان الدوسري
كاتب وباحث عراقي


الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

لعله يجدي.....







لم تعد القدوة سبيلا معروفا في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير وواسع وهذا ما يجعلنا أكثر تأثيرا وعرضه للتأثيرات المجتمعية والتربوية بشكل خاص ومما يؤدي ذلك إلى فقدان العنصر الإيجابي في مخرجات التعليم ودور المعلم القدوة  حيث يجعل هناك ثغرة في ذات الإنسان ومما لاشك فيه أن التأثيرات المضادة تلعب دور الصراع عبر وسائل المسموعة والمرئية وهنا تتولد فكرة صناعة القدوة لذات الاختلاف المجتمعي أو حتى عقائدي .ويخرج لنا شخص من بين ثنايا الإعلام يرمي لنا بعض النصائح التي لا تغني عن جوع .فكيف للمتلقي أن يستجيب لك وقد غرق في غياهب التصور الذاتي لقدوة مغايرة لمعطيات مجتمعاتنا العربية التي بدأت تفتقر هذا المدلول .ومع الأسف بدأنا نتعرض لهيكلة مغايرة تماما عما وجدنا آبائنا عليه ...لو نظرنا إلى افلام (سوبر مان) أو( بات مان) الخ من المسميات ونحن نشاهد نستمتع بتلك اللقطات والبطولات التي يحققها هؤلاء الخوارق من أجل امريكا ..
هل سأل الإعلام العربي نفسه لماذا تصرف استوديوهات هوليود ملايين الدولارات من أجل تلك الافلام ...
الجواب سيكون كالعادة تنظريا ومملا دون أن تفهم شيء . ...
إنهم يصنعون القدوة لمجمعاتهم ويبثون رسائل ضمنية تعدل سلوكيات مجتمعية .من دون ندوات ومؤتمرات وحملات توعية كما نقوم نحن دون دراسات عن موطن الخلل ... 
هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة ؟ 
كثيرا ما طرحت هذا التساؤل  إلى زملاء العمل أو أساتذة التعليم وحتى الناس البسطاء وكان الرد مذهلا من الجميع .
القدوة مطلوبة  وهي مؤثرة بشروطها ومعطياتها ولا أقصد كما هو الآن ممن يتخذ الفاشنيستا أو نجوم الملاعب أو الإعلانات قدوة  لهم ...
بطبع لا . المقصود هنا التأثير التوعي والإيجابي للفرد والمجتمع ومن وجهة نظري لابد من تكثيف العمل على إزالة تلك الترسبات ومن ثم تأتي النصائح الخاصة والعامة لتأخذ مجراها التأثيري في التغير السلوكي  الذي بدا لا يستجيب بشكل كامل لما تطرحه المفاهيم الدينية والاجتماعية وحتى نكون اكثر انصافا مع انفسنا لكون هناك ترسبات سلوكية راسبة في العقل الباطن فعلينا تنقيه تلك الترسبات وبعض سلوكيات المجتمع التي تضطهد الانسان  فكيف تريد من مجتمع يتصرف بشكل حضاري وهو مضطهد في البيت او المدرسة ويمارس ضده كافة وسائل الخنق الابداعي ؟ فعلينا ان نبدأ بصناعة الانسان القائد ليكون جزء فعال في الاسرة والمجتمع . 
 عدنان الدوسري
 كاتب وباحث عراقي

السبت، 3 سبتمبر 2016

انا اكره الانتظار

                                         

لعلي ادركه........
 كان الممر طويلا   وقفت اسحب انفاسي الذي  اتعبتها التدخين وما عادت رئتي تساعدني على الهاث
اسال  الممرضة
  اين غرفة 35 Where the room 35 ))  مازالت لغتي  الافرنجية بطيئة   
 اشارت الي  بأصبعها   عاودت المسير  مسرعا  تدور حولي صورته  وأخر كلامه معي  ليلة  أمس. 
كان خائفا لعله  هل ينتظرني كعادته اعلم  انه لا يهتم بمواعيده _ اعرفه جيدا  ولكنه كان يكره الانتظار نظراتي  تراقب الممر   
 توقظني لافته مضيئة   (غرفة 35 - room 35) ادخل سريعا لعلي اجدة 
 .. كانت الردهة مشرعة الستائر من كل جانب والهدوء المرعب يعصرني  ونظراتي 
تتأمل الجدران الخاوية  وتلك  اللائحة المكتوب عليها (الهدوء رجاء) لعل الصمت هنا يأتي بشيء من الحزن وتلك النوافذ التي مازالت تستقبل زخات المطر التشريني .
اخرج بصمت  ....اذهب الى  الاستعلامات اسال عنه وقدمي تخطو بحزن وقلقا متعب 
..  – Where my friend who was lying in the room of 35.
أين صديقي الذي كان يرقد في غرفة  35.  ولهاث صوتي يتردد بالنَّفَس كالاحتضار
- نظرت الي  بحزن شديد
-  (   I arrived late, he is now lying peacefullوصلت متأخرا  انه  يرقد الان  بسلام) 
..شعرت ببرودة اجابتها  تغزو كل خلية  بجسدي الستيني وهمت  اخطو 
صوت يأتيني  عن قرب 
لحظة لقد وجدنا هذه الاشياء وهذه الورقة تركها لك
Wait a moment and I've found this stuff and this paper left you)
استلم من يداها 
كيس ورقي باهت وخطوط بكسراته العشوائية  مازالت مرسومة عليه ... 
لم تعنيني اشياءه   سوى  تلك الورقة  شغلتني ان  افتحها
صديقي العزيز....
اعلم انك ستأتي  كعادتك ولكني  كنت  اترجى  الموت ان يتأخر  قليلا  لكنه  لم يأبى  بذلك 
منذ تركتني  لية امس وأنا ابحث  عن صورة لبلادي  او اسم له في صحيفة   فلم اجد إلا (صحيفة التايمز)  الذي تنشربعض ما يحدث لهذا الوطن المفجوع   .. وفي زحمة الحنين  والوقفة والسؤال احتضنت تلك  الصفحة التي فيها خبر الموت الجاري لوطني لعلي اشم بها رائحته 
 _حينها تذكرت مظفر النواب  (مطر..كلش مطر والشارع مغوش... حكي وريحه ناس مالك شغل بيهم ....عينك مراية وقت مابيها أحد ...كنها ورقه يانصيب انتهت .....وتدور الجرايد بلكي ريحة وطن.
اسف يا صديقي  ذهبت  دون ان اقول لك اسف  انا اكره الانتظار..
 عدنان الدوسري
كاتب عراقي مغترب

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

التأثير اللفظي في السلوك


منذ ان بدأت برامج التواصل الاجتماعي وهي تغزو مجتمعاتنا العربية بشكل كبير حتى اصبح الجميع له حق بالإدماج بهذه الشبكة وبرامجها الاجتماعية ما ان لبثت فترة حتى ظهرت سلبيات وظواهر ما كنا نتصور يوما ان تكون بمجتمعاتنا. ..ولا اريد ان ادخل في هذه التفاصيل الذي لا تكاد تخفي على احد إلا ويعرفها ولكنني سوف أتطرق الى ظاهرة قد تبدو مسلية وظريفة ولكنها تحمل الاثر السلبي في السلوك الاجتماعي ولكننا للأسف الشديد مستمرون بها وبترويجها
وصلتني هذه الرسالة عبر احدى برامج التواصل الاجتماعي ))احد الفلاسفة صرخت عليه زوجته ثم رشت عليه الماء الذي كان بيدها من شدة غضبها فقال : ما أجملك وأنت ترعدين و تبرقين ثم تمطرين ! لو إنه عندنا كان هفها بكف يرعد وجهها حتى تبرق عيناها ثم تمطر))
عبر هذا المثال الذي لربما ابتسم احدنا في البرهة الاولى وهو يقرا مفرداتها 
السؤال .. اي من الرسالتين سوف نتأثر بها 
رسالة الفيلسوف لو رسالة ذاك العربي؟
للأسف الشديد سوف نتأثر بذلك العربي وترسخ بعقلنا كلماته ليس لكونها صحيحة انما عقليتنا تستجيب إلى شرطين مهمين أولهما السياق اللغوي حيث يأتي مألوف للعقل وبرمجته اللغوي ويستجيب له بشكل سريع والثاني هي اخر الكلمات التي دائما تكون لها التأثير في وقع السامع  في اغلب الاحيان من اي حديث او رسالة تأتي أكثر ترسيخا في العقل وهذا ما يسمى الخلاصة او الزبده عند البعض .
. ولهذا ان اغلب البلدان العالم التي تسعى لخلق انسان نموذجي تراقب الإعلانات وكافة وسائل السمعية والمرئية حتى لا تؤثر سلبا على سلوكيات الفرد . بعد خروج اليابان من الحرب العالمية الثانيه اول خطوة ارتكازيه لبداية مشوارها لتنهض من جديد وفق رؤيا جديدة كانت خطوة التربية. فبدأت اول مراحل تطوير الذات والتنمية هي دراسة الاخلاق وفق مناهج تدرس بها كيفية التعامل مع الاخر ومن ثم وضعت خططا صناعية وعلمية .والهدف منه انهم وجدوا أن الأخلاق هي العتبة الأولى لصناعة الإنسان ومن ثم صناعة دولة متقدمة جعله عنصر فعال بالمجتمع . 
شكرا لمن يمارس ضدنا طقوسا خاصة الذي لم ينزل الله بها من سلطان ؟
عدنان الدوسري
كاتب عراقي مغترب 

الاثنين، 29 أغسطس 2016

مدارات اللغة في العقل البشري


كيف نشأت وتطورت لدينا اللغة المحكية من الإشارات والإيماءات إلى لغة محكية ثم مكتوبة ؟ في البدء بالتنبيه والإشارة وإعطاء الأوامر , ثم الدلالة للأسماء والأفعال ثم التصنيف الذي اعتمد التعميم نتيجة التشابه في بعض الخصائص , مثال الطعام هو كل ماهر صالح للأكل . ثم كما ذكرنا ذكر الحوادث والقصص والروايات .
وكما ذكرنا إن أهم ما يميز دماغنا عن باقي أدمغة الكائنات الحية الأخرى جميعها هو المناطق المسؤولية عن اللغة الموجودة بين مراكز الأحاسيس في اللحاء , فلبعض الكائنات الحية مثل الفيلة والحيتان لحاء ومتطور ولكن لم تتشكل وتنمو مناطق اللغة التي تربط مراكز الأحاسيس مع بعضها كما هي موجودة لدينا . فنحن نستطيع تمثل الكثير من أحاسيسنا وأفكارنا بكلمات تدل عليها وننقلها بواسطة الكلمات المحكية للآخرين .
وكان لنشوء الثقافة والحضارة نتيجة التوارث الاجتماعي للأفكار والمعلومات والتصرفات والتقنية بكافة أشكالها , الدور الأساسي والأهم الذي جعل تفكيرنا مختلف ومميز عن باقي الكائنات الحية . فنحن البشر دماغنا لديه خصائص موروثة بيولوجياً , بالإضافة إلى أنه يكتسب موروث اجتماعي فكري ثقافي تقني , وهذا ما ميزنا عن كافة الكائنات الحية .
ويمكن أن يظهره مقدار وأهمية الموروث الفكري الاجتماعي إذا جعلنا مولود بشري يعيش بطريقة تعزله عن كافة التأثيرات الاجتماعي , وتوفير مستلزمات الحياة والبقاء له ( لأنه يستحيل عيشه دون مساعدة كأن ترعاه حيوانات أخرى ويعيش في مجتمعها ) وجعله يعتمد على الموروث البيولوجي فقط , ودون الموروث الاجتماعي البشري , في تعامله مع ظروف الحياة . عندها نلاحظ الخصائص فكرية وتقنية التي سوف يخسرها , إنه قبل كل شيء سوف يخسر اللغة وبذلك يخسر كل ما تمنحه اللغة من ميزات فكرية عن باقي الكائنات الحية , وهذا سوف يجعله شبيه بباقي الكائنات الحية المتطورة ولن يتفوق عليها إلى قليلاُ هذا إذا تفوق .
نشوء الكائنات الفكرية لدينا .إن الأفكار هي بمثابة كائنات الفكرية وهي بنيات غير مادية , وهي تكون عالم الفكر. ومثلما نشأت الكائنات الحية من العناصر والمركبات الكيميائية بعد أن تفاعلت حسب القوى والآليات الموجودة , كذلك نشأت الكائنات الفكرية في الأجهزة العصبية لدى الكائنات الحية . وكان نشوؤها متسلسل ومتطور , إلى أن وصلت إلى ما هي عليه لدينا في الوقت الحاضر .فالأفكار أو الكائنات الفكرية تتكون في أول الأمر - أوفي شكلها الخام - في الجهاز العصبي من السيالات العصبية الكهربائية الواردة من المستقبلات الحسية . فالمتقبلات الحسية بكافة أشكالها تحول - أو ترمز - بعض أنواع التأثيرات الفيزيائية - ضوئية , صوتية , حرارية , ميكانيكية , كيميائية , إلى نبضات عصبية كهربائية على شكل سيالات كهربائية عصبية , ترسل إلى الدماغ الذي يقوم بتقييمها وتصنيفها بناءً على نتائج تأثيراتها على الجسم , إن كانت مفيدة أو ضارة أو محايدة , ثم يقوم بالاستجابة بناءً على ذلك . لقد كانت وسيلة إعلامية , وكذلك وسيلة تنفيذية تقوم بالاستجابات أن كانت استجابات كيميائية , أو حركية , وتطورت ليصبح جزء منها حسي واعي .ولدى الإنسان الذي يعيش في مجتمع تطورت هذه البنيات الفكرية العصبية , فترابطت سلاسل لتشكل بنية فكرية متطورة . وقد حدثت قفزة كبيرة عندما مثلت بعض البنيات الفكرية بإشارات - أصوات وتعبيرات وحركات ومن ثم كلمات تدل عليها , وهذا أدى لنشوء البنيات الفكرية اللغوية . فهذه الدلالات - أو البنيات اللغوية الفيزيائية - عادت ودخلت إلى الدماغ كمداخلات حسية , و تحولت من جديد لبنيات فكرية خام وأصبحت بنيات فكرية دلالية أو لغوية , فهي ترمز أفكار تم إرسالها من إنسان لأخر . وبذلك نشأت وسيلة تستطيع بها هذه البنيات الفكرية الخروج من الدماغ أو العقل الذي نشأت فيه الانتقال إلى دماغ أو عقل آخر , وهذا يتم بعد أن تتحول البنيات الفكرية اللغوية إلى بنيات فيزيائية لغوية دلالية - مؤثرات فيزيائية إشارات وأصوات وحركات وإيماءات - فإذا تلقتها حواس إنسان آخر يمكن أن تصل إلى دماغه وتتحول إلى أبنية فكرية لغوية ثم إلى أبنية فكرية , هذا إذا تم فك رموزها . و بهذا استطاعت الأبنية الفكرية أن تنتقل من دماغ إنسان إلى أخر , وتصبح مهيأة لكي توضع فيه . أي يمكن أن تتحول البنيات الفيزيائية الدلالية أو اللغوية , إلى أبنية فكرية عصبية .كيف أصبحنا نتمثل أو نتصور الوجود مقارنة بباقي الكائنات الحية إن نتيجة الحياة الاجتماعية والنشوء الثقافة والحضارة صار تعرفنا على الوجود ليس فقط عن طريق الحواس , فالثقافة أصبح دورها يضاهي دور الحواس في تعرفنا على الوجود . فالترميز اللغوي للأفكار والتواصل بين العقول ونشوء المعارف أو الثقافة وتناميها هو من يحدد الآن نموذج الوجود لدى كل منا . فعندما شكّل عقل الإنسان الأفكار أو البنيات الفكرية , التي استطاعت أن تمثل البنيات الواقعية وتمثل تفاعلاتها مع بعضها , تكون زمن فكري يمثّّل الحوادث و صيرورة الوقائع . فهو ( عقل الإنسان ) يستطيع أن يعرف أي يتنبأ بالأحداث , أو نتائج تفاعلات بين بنيات , حدثت في الماضي أو سوف تحدث في المستقبل . وكذلك يستطيع أن يتنبأ بحوادث أو تفاعلات لم يتأثر إلا بجزء قليل منها , فهو يكمل ما ينقصه ويضع سيناريو للكثير من تلك الحوادث . واستطاع دماغنا تشكيل نموذج مختصر وبسيط للوجود وصيرورته , بواسطة البنيات الفكرية التي شكلها , تمكّنه من تحريك أو مفاعله النموذج الذي شكله للوجود , إلى الأمام إلى المستقبل وهذا هو التركيب , أو إلى الخلف إلى الماضي وهو التحليل . وذلك بسرعة أكبر من سرعة تغيرات الواقع الفعلية . فالدماغ بواسطة معالجة ما يرده من المستقبلات الحسية ( أي التفكير ) يستطيع السير بتفاعلاته الفكرية بسرعة أكبر من السرعة التي تجري فيها في الواقع , أي إلى المستقبل . وكذلك يستطيع السير إلى الماضي عن طريق عكسه التفاعلات أو التحليل , ووضعه لسيناريو لما يمكن أن يكون حدث أو ما سوف يحدث , وتزداد دقة تنبؤاته باستمرار لتقترب من الواقع الفعلي .
المعالجة التسلسلية والمعالجة التفريعة أو المتوازية للأفكار .
نحن فقد من بين كافة الكائنات الحية نعتمد التفكير الإرادي ومعالجة الأفكار بطريقة تسلسلية نتيجة التفكير بوجود اللغة , وذلك بالإضافة للطريقة التفريعة التي تفكر بها غالبية الكائنات الحية . والذي يقوم بعملية المعالجة المتوازية للمداخلات الحسية هو الدماغ القديم ألزواحفي والدماغ الجوفي , وكان يقوما بذلك قبل نشوء الدماغ الحديث بما فيه اللحاء . لقد كان الدماغ ألزواحفي يقوم بمعالجة مجموعة مداخلات في نفس الوقت أي بالتوازي , وليس واحد بعد الآخر , فقد كان لهذا الدماغ القدرة على معالجة كافة المداخلات في نفس الوقت .فالدماغ في أول نشأته كانت مهمته معالجة كافة المداخلات الحسية في نفس الوقت أي بالتوازي , والمثير الأقوى والأهم هو الذي يقرر الاستجابة , وذلك بعد مقارنة كافة المثيرات الداخلة للمعالجة مع بعضها في نفس الوقت . ثم بعد ذلك صارت بعض المداخلات تأخذ أهمية ليس لقوتها أو تأثيرها الحاضر ولكن لتأثيرها المستقبلي الهام , وهذا حدث نتيجة تشكل آليات المشروطة أو ترابط المثيرات مع بعضها نتيجة التجاور المكاني أو الزماني أو معانيها .أن أهمّ خاصية للمعالجات الفكرية الإرادية الواعية لدينا والتي تميزنا عن باقي الكائنات الحية , والتي تشكلت نتيجة استعمالنا للغة محكية وتعتمد السببية والمنطق , هي ألتركيزه على سلسلة مسار حوادث واحد للتفكير فيه ومعالجته من ضمن المداخلات الكثير , ومن المفيد تجنب تشتيت الانتباه عند ملاحظة المثيرات الجديدة , والتركيز على تحديد الهام منها لمعالجته هو فقط والتغاضي عن البقية , والاستمرار في ذلك المسار حتى نصل إلى نتيجة أو يحدث مثير جديد وهام يستدعي قطع المعالجة الجارية والالتفات لمعالجة هذا الجديد . فالتفكير ألسببي والمنطقي والرياضي يعتمدوا المعالجة بالتسلسل , لذلك هم مقيدين ومحدودين بسلسلة واحدة من الأفكار .إن غالبية تصرفاتنا تجري بناء على أوامر وتوجيهات الدماغ القديم . وتصرفاتنا الإرادية الواعية والمعتمدة على التفكير اللغوي ولسببي والمنطقي تكون بمشاركة الدماغ الحديث بما فيه اللحاء . وفي الأساس معالجة الدماغ للواردات الحسية البصرية تجري بالتوازي أو بالتفرع وفي نقس الوقت في عدة مناطق من الدماغ , وكذلك معالجة الواردات الحسية الصوتية تعالج بالتفرع , وكافة الواردات الحسية تعالج كلها في نفس الوقت .
إن المعالجات الفكرية الإرادية الواعية لدينا التي تكون معالجة بالتسلسلية , وفي نفس الوقت تجري معالجة بالتوازي في الدماغ ألزواحفي والدماغ الجوفي وتكون غير واعية , ويتم إرسال نتائج هذه المعالجة إلى سبورة الوعي , فالدماغ الجوفي ينظم دخول المثيرات والأفكار بعد أن يعالجها بالتوازي إلى سبورة الوعي , فتشارك في تحديد الاستجابة .والشيء المهم أن المقارنة اللازمة لإجراء القياس والحكم يلزمها معالجة بالتوازي , فلكي تتم مقارنة مجموعة مداخلات أو مؤثرات أو أفكار مع بعضها البعض يجب إدخالها معاً لمعالجتها دفعة واحدة , لذلك نجد دماغنا يستخدم المعالجة التسلسلية والمعالجة المتوازية في نفس الوقت .إن الواقع هو ناتج تفاعل كمية شبه لا متناهية من العناصر وتفاعل بآليات متعددة الأسباب . وهنا يكمن ( ضعف أو قوة ) التفكير الإرادي الواعي الذي يعتمد تسلسل الأفكار مقارنة بالتفكير الحدسي الذي يعتمد التفكير المتوازي للأفكار في نفس الوقت , لأنه يعتمد سلسلة واحدة من الأفكار . ومن أهم ميزات التفكير التسلسلي دقته العالية ووضوحه ( لأنه واع ) أكثر من التفكير المتوازي الحدسي .ونحن نجد المخيخ مثال على التفكير المتوازي , فهو أقدر أبنية دماغية على المعالجة المتوازية , فهو يستطيع معالجة الكثير من أعقد الأوضاع الحركية دفعة واحدة أي في نفس الوقت مثل المشي مع المحافظة على التوازن أو ركوب دراجة . . وتتم هذه المعالجة غالباً دون تدخل الوعي , وعندما يتدخل الوعي تنخفض قدرات المخيخ ويصبح المخيخ يعالج مسار واحد من حركات الجسم وعندها يصعب تنفيذ الحركات المتزامنة في نفس الوقت ويختل نظام أداء العمل .المعالجة الفكرية التسلسلية تعتمد التسلسل زمني . قصص و روايات و سير , والتسلسل سببي لنفس الأسباب والنتائج والترابطات السببية أو المنطقية , الرياضيات والهندسة , الفرض – الطلب - البرهان كمثال . وعمل دماغنا يعتمد على المشاركة بين التفكير التسلسلي والتفكير ألتفرعي أو المتوازي وهو يظهر على شكل حدس وإلهام , لإدارة وتنظيم كافة أمور حياتنا . وهناك اختلافات بيننا من ناحية اعتمادنا عل التفكير التسلسلي أو التفكير ألتفرعي , فبعضنا يركز على التفكير التسلسلي , وعادة يكون متفوق بالرياضيات والمنطق , والبعض الآخر يركز على التفكير ألتفرعي وعادة يكون متفوق بالشعر والأدب والموسيقى والرسم ومخيلة خصبة .
ما الذي يمكن أن يعلل سبب قدرات عقلنا وذكائنا المميز عن باقي الكائنات الحية ما هي العوامل التي سمحت لكي يصبح الإنسان ذكياً بشكل يجعله مميز , ويفكر بالطريقة التي نحن نفكر بها الآن 
كيف حدث هذا الفارق الكبير بيننا وبين كافة الكائنات الحية مع أنه يوجد كائنات حية دماغها يملك قدرات تفوق قدرات دماغنا كالحيتان والفيلة .ما هي أهم العوامل التي أدت لذلك يرى البعض أن أهم ما يميز تفكيرنا عن باقي الكائنات الحية وبالتالي ذكائنا المميز عنها هو : ما يكتسب نتيجة التواصل الاجتماعي الواسع والمنوع والمعقد , والذي يتم نسخه و توارثه بالمحاكاة والتعلم . فهو أدى لنشوء تواصل إيمائي أشاري متطور , وبالتالي مهد لنشوء لغة محكية حدثت تطورت بها , ومن ثم تشكلت اللغة المكتوبة . بالإضافة لنشوء التقنية وصنع الأدوات وتوارثها نتيجة الحياة الاجتماعية , وهي التي نتجت عن قدرات عمل عقلنا ويدينا والقامة المنتصبة وعوامل أخرى . إن دور التقنية واستعمال الأدوات المتكرر وصنع الأدوات كالرمح والفأس وغيره , وتعليم ذلك للآخرين , ساعدنا بشكل كبير في توسيع قدراتنا وبالتالي خياراتنا في التعامل مع ظروف الحياة . صحيح أن هناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية مثل النحل والعناكب والطيور وغيرها , ولكنها لا تطورها فهي تكتسبها بيولوجياً . وهناك الكثير من الكائنات الحية تستعمل التقنية أو بعض الأشياء كأدوات ولكنها لا تحتفظ بها ولا تعيد صنعها . وكل هذا أحدث قفزة تطور كبيرة لقدرا عمل دماغنا وبالتالي تفكيرنا , عن باقي الكائنات الحية , وخلال زمن قصير نسبياً .أن قدرات الذكاء الكائن الحي , بشكل عام , هي نتيجة برامج التفكير أو معالجة المتدخلات للدماغ الموروثة بيولوجياً , وبرامج التفكير والمعالجة المكتسبة أو التي يتم تعلمها نتيجة الحياة والحياة الاجتماعية .فالقدرات الموروثة بيولوجياً هي : القدرة على التفكير ومعالجة الأفكار والقدرة على التعلم , و سرعة الحفظ في الذاكرة , والقدرة على التذكرة أو الاستدعاء من مخازن الذاكرة واستخدام مخزون الذاكرة , والقدرة على المعالجة الفكرية لزمن طويل , والقدرة على معالجة الأفكار الكثيرة , والقدرة على معالجة الأفكار المعقدة , وكل هذا يكون موروث بيولوجياً , وهذه القدرات تكون عادة تابع لوزن الدماغ وعدد الخلايا العصبية وطريقة اتصالاتها وتناميها.

      عدنان الدوسري
   باحث عراقي مغترب

هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

  هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟ لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى...