الاثنين، 20 يونيو 2016

ازدواجية سلوك الفرد.. اجتماعيا



من أهم  السلوكيات الفعالة في المجتمعات المتحضرة قدرة الفرد على تفعيل نمطية التعامل مع الآخرين من منهجية مكتسبة عن قناعة فكرية وثقافية تتبلور دائما في ثبات ذلك الموقف مهما تعددت الأدوار للشخص في اليوم الواحد. ولعلنا دون مواربة  فنحن شعب متحضر يعي قيمة كبح السلوك الشائن في كثير من مواقفنا الحياتية ولكن القلة هم الذين دوما يشذون عن القاعدة، ويحملون الآخرين وزر أخطائهم ووزر تصرفاتهم عندما يسمحون لأنفسهم بأن يتحرروا من تلك القاعدة السلوكية كلما فقدوا الرقيب وكلما أمنوا العقوبة وفي ذلك خلل يجب أن يدرس من قبل الأخصائيين النفسيين من اجل انتشال تلك الفئة القليلة من الازدواجية في السلوك، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد البعض  عندما تنمح  لهم خاصية معينة تسمح لهم بخصائص قد يكونوا قادرين إلى إقصاء  الآخرين وإلغاء أرائهم  وفق معاير تراكمات  خلفها الزمن  بعقلهم الباطن وتنعكس سلبا  على سلوكهم وبهذا التصرف  يعتبر وكأنه يتحرر من القيود التي ألزمها نفسه في جانب من جوانب حياته وخرقها في الجانب الآخر. ولنقس على ذلك المقياس كثيرا من التصرفات التي نجدها في أولئك المتذبذبين سلوكيا.. ولعله من المرجو دراسة تلك الظاهرة دراسة متعمقة ووضع الحلول لها في عالمنا واخص به  الافتراضي الذي أصبح جزء من حياتنا اليومية..ومع الأسف تفاقمت تلك الحالات لوجود مساحات شاسعة لها  لتعبير عن وجود ذاتي والتي تعتبره حرية عن الذات والتي تتلون حسب المزاج والوقت والظرف. وتتحول هذه النمطية إلى تغير  الأقنعة فتارة مع هؤلاء وتارة مع هؤلاء حتى يرى أين تميل الكفة فيكون معهم ..و لربما نعرفهم بيننا ونسمح لهم بأداء أدوارهم وحسب أقنعتهم بكل تراجيديا وقد نتعاطف معهم ولا نعلم أن يحملون أصرا عن حالات بمجتمعنا التي أساءت إلى معتقدات ومبادئ طالما كنا محافظين عليها لفترات طويلة. وبعد  كل حركات التصحيح التي حدثت في الوطن العربي لابد  الاهتمام  بالإنسان  كقوة  لا ياستهان بها  وإعادة تنميته  وفق برامج علمية صحيحة  ولا تحمل طابع سياسي  أو خاضعة لحزب أو طائفة  وحتى لا يخدع  الناس ويقعون بين تلوين الأقنعة, فكما أن علم الإدارة وضع منهجية (إدارة الوقت) وأصبح علما يدرس في الجامعات وهو المفهوم الذي ينص على أدارة الذات من الداخل للتخلص من المعوقات الوقتية في المفهوم الحياتي ككل.. فحري أن يكون للسلوك نفس المقياس ونفس النمط.. فهما مفهومان يمسان الشخصية من الداخل ويخلصانها من الترسبات النفسية ويمكنانها من الوصول إلى سلاسة التعامل من المنظور الإيجابي للحياة. ، ولكننا نحن بحاجة إلى تثبيت تلك القواعد السلوكية منهجيا لكي تتحضر النفوس قبل أن تتحضر  قوانينها  الوضعية بفعل المؤثرات المعنوية والمادية وهنا تكمن المفارقة.. وقوانين  تأتي برؤية تنموية جميلة ولا  من يطبقها  بشكل حضاري والخلل  يكمن في الإنسان لكونه لا يمتلك تلك الرؤية الحقيقة  حتى يستوعب ذلك التطور وان أراد  استيعابه فانه يجاري الزمن دون أن يفهم شي وهنا تكمن القضية  -مؤلم جدا أن يكون الإنسان جاهل ما يدور حوله من أحداث تمس مستقبلة الاجتماعي_ ومثله كمثل دابة الساقية تدون معصوبة العين لا تفقه شئ..وكلا الحالتين مرفوضة بعصرنا ,فتغير  ليس  فقط يمس الحكومات فلابد أن يمس  الإنسان بذاته وهذا مناط على الهيئات كافة المسموعة والمرئية والمقروءة  والأخذ بنظر الاعتبار هذا التغير وتبدأ بتوجه إلى الإنسان وتعديل الخطاب الموجه له وعدم التسويق ضده كمادة مستهلكة  فحسب أنما هو أداة للتغير واعتبار ما يحمله من قناعات هي جوهرية لا تتغير مهما تغير  الزمن .

عدنان الدوسري

الأحد، 19 يونيو 2016

الماجينا والقرقيعان بين الاصل والحكاية


الماجينا والقرقيعان بين الاصل والحكاية


تعتبر الماجينا او القرقيعان أو القرقيعانة أو الكركيعان من أهم العادات الشعبية الرمضانية في بلدان العربية والإسلامية، حيث تنتشر هذه العادة انتشاراً واسعاً في كل من العراق والكويت و السعودية و قطر و الإمارات والبحرين و جنوب إيران ، و يحملون الأطفال معهم أكياساً يجمعون فيها الحلوى و المكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت
أصل الكلمة:
وتعود كلمة القريقعان أو الماجينا كما يشير البعض الى «قرع الأبواب وقيل من الأصوات الصادرة عن الحلوى والمكسرات عندما تقرقع وتتحرك داخل الخريطة (الكيس) الذي يكون معلقاً على أعناق الأطفال وقيل هي صوت الحجارة البحرية يضربون بعضها ببعض أثناء التجوال فتصدر قرقعة كتعبير للفرح والعرس الجماعي البهيج.كما في أقطار الخليج العربي المطلة على بحر العرب
لكن بعض المصادر تقول ان أصل كلمة (كريكعان) آو الماجينا تحريف لعادة كانت تمارس في عصر العباسيين، وهي الطلب في منتصف الشهر(( بحداء أقرب إلى الرجز ))يقول: يا صاحب الـبيت أجر جـوعان يـا ربنا إعطه بيتـاً في عالي الجنان»، وكـان الفقراء يقصدون بيت الخليفة وبيوت الوزراء والأغنياء بهذه الأغنية طوال ليل ونهار منتصف رمضان كما ذكـر أبو الفرج الأصفهاني في المجلد الخامس من كتاب «الأغاني هناك أكثر من قول في معنى " قرقيعان والماجينا
القول الأول : أن " قرقيعان " لفظ عامي مأخوذٌ من قرع الباب ، و ذلك لأن الأطفال يقومون بقرع أبواب البيوت في هذه المناسبة فسُميت المناسبة بالقرقيعان
القول الثاني: أنه مشتق من " قرَّةُ العين “ الإنسان و فرحه، و منه قول الله عَزَّ و جَلَّ : { ... رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ... 
القول الثالث: و سواءً كان القول الأول هو الصحيح أم الثاني فإن مبدأ القرقيعان يرجع إلى مولد سبط رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) الحسن بن علي ( عليه السَّلام ) ، حيث أن ولادته الميمونة كانت في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة المباركة فجاءت المناسبة بهذا المولود المبارك
القول الرابع: إذا سألت أحد أهالي القطيف عن ليلة القريقعان فقد يقول لك أنها «الناصفة» بينما يقول لك آخر انها «حلوعاد» أي حلَّ وعاد او حال عليه الحول وعاد باليمن والخير. ولعل تسمية ليلة «القريقعان» بين أهل القطيف والأحساء بـ«الناصفة» هي الأشهر حيث يحتفلون بها ليلة النصف من شعبان، وفي بعض المناطق يكررون الاحتفال في ليلة النصف من رمضان. كما تختلف مسميات هذه الليلة في دول الخليج حيث يسميها البعض القرقيعان والبعض الآخر «الناصفة» أو «حلّ وعاد» التي يحتفل بها البعض ليلة الخامس عشر من شهر رمضان

اما قول ماجينا ومن خلال بحثي لم اجد سوى معنى واحد وهو( لولاك ماجينا) أي بمعنى لو لا رمضان ما طرقنا أبوابكم أو لم نأتي إليكم.. ولا ادري أصل كلمة (ماجينة)،من اين جاءت للعراق على الرغم من علاقاتي الجيدة بالفلكلوريين العراقيين أمثال العلامة الراحل الدكتور حسين علي محفوظ والعلامة المرحوم الشيخ جلال الحنفي . ممن لديه مثل هذه المعلومة أن يزودني بها؟ تقول أنشودة الماجينة التي يرددها الأطفال العراقيون: ماجينا يا ماجينا حلّي الكيس وانطينا... انطونا الله ينطيكم ولبيت مكة يوديكم... واذا طال عليهم الوقوف ولم يخرج اليهم صاحب الدار يصرخون بأعلى أصواتهم: (يا اهل السطوح تنطونا لو نروح)، فيخرج اصحاب الدور ويعطونهم ما لديهم من حلويات ونقود وفواكه وكليجة (معجنات)، وبعض أصحاب الدور هؤلاء لا يعطيهم شيئاً وانما يسكب الماء عليهم من فوق السطح، فيهرع الأطفال هاربين وهم يرددون: (جبوا علينه الماي... بيت اهل الفوكر)، أي سكبوا علينا الماء بيت الفقر... وهذه وصمة ثقيلة لأصحاب البيت البخلاء. والآن، ماذا يغني أطفال العراق؟؟؟، اختفى هذا التقليد الجميل في بغداد، فالناس شغلتهم عنه التفجيرات والجرائم الكبرى المرتكبة في العراق، التي يروح ضحيتها المئات في كل مرة، وربما خاف الأطفال أن تذهب بهم وبماجينتهم عبوة ناسفة أو إرهابي يرتدي حزاماً ناسفا، بل حتى نشيد الماجينة غيروه فأصبح هكذا: ((“ماجينه يا ماجينه... ليش العالم ناسينه... بس احنه نفكر بالناس... شو محد فكر بينه... يارب انت راعي البيت... احفظنه واحفظ هالبيت... دكينا الباب برمضان... بس دوه ردنه من الجيران... يا اهل السطوح... جيرانكم مجروح... وابن الجيران الحباب... اجه يركض فتحنه الباب... بس فجر نفسه علينه”))) ولا يخفى على الفطن اللبيب مغزى هذا الكلام. ولكن هذا التقليد صعب نسيانه، 
أهازيج الماجينا والقريقان في بعض الدول العربية والإسلامية
اهازيج اهل السعودية وخصوصا المنطقة الشرقية
قرقع قرقع قرقيعان :ام قصير ورمضان:عطونا الله يعطيكم
بيت مكه يوديكم : يوديكم لأهاليكم : ويلحفكم بالجاعد
عن المطر والراعد : سكوا سليل الذهب
والعيش عيش الكارة: طارت به السحارة
هذا النبي في حضرته: فارش سجادته
جات الغزالة وردته: عام عام ياصيام
جعلكم تصومونه: كله كله بالتمام
الله يعز الامام:اللي عطانا خوخ ورمان
عطونا عيدكم عادت عليكم: اما الثواب ولا الجواب
ولا نتيفه من صاير الباب:سحب الكيس على الكيس
شسم اوليدكم
فيسميه أهل المنزل سواء كان ولدا" او بنتا"وبعد التسميه لهم يتابعون
لولا فلان ماجينا:ياربي تخليه لمه
جعل البكعه ماتخمه: يكبر ويعطينا
قاعد على التينه يزرع بساتينه
قاعد على الخوخه ينشر الجوخة
أهازيج القرقيعان في ((الكويت)) فللبنات أنشودة خاصة هي: «قرقيعان ـ وقرقيعان... بيت قصير (المقصود شهر شعبان) ورمضان... عادت عليكم صيام... كل سنة وكل عام... يا ألله سلم ـ ولدهم (ويذكر اسمه)... يا ألله خليه لأمه... عسى البقعة (المصيبة) لا تخمه... ولا توازي على أمه... أعطونا الله ـ يعطيكم... بيت مكة يوديكم... يا مكة يا المعمورة... يا أم السلاسل والذهب والنورة». 
أما الأولاد فيرددون أهزوجة قصيرة جداً هي: «سلم ولدهم يا ألله.. خليه لأمه يا ألله»، ويكون ذلك في بداية طرقهم للأبواب فيدخلهم أصحاب البيت ويذكرون لهم اسم الصغير ولنقل عبدالله مثلا فيردد الأطفال «خل عبادي يا لله.. خله لأمه يالله».
.. و بعد الانتهاء من الأناشيد يتم توزيع المكسرات و الحلويات على الأطفال ، و توضع هذه الهدايا في أكياس معلقة برقبتهم تسمى بالخريطة 
أهازيج القرقيعان في(( الإمارات)) إنطونه حق الله يرضى عليكم الله جدام بيتكم دله عسى الفقر ما يدله فيحصلون على الحلوى ، و يقابلون بالتكريم و الاحترام

أهازيج القرقيعان في(( البحرين)) «قرقع قرقعون... عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، يا مكة يا معمورة... يا أم السلاسل والذهب... عطونا من مال الله... يسلم لكم عبد الله، عطونا دحبة ميزان... يسلم لكم عزيزان، يا بنية يا لحبابة... أبوكي مشرع بابه، باب الكرم ما صكه... ولا حط له بوابة.
اهازيج القرقيعان في قطر: قرنقعوه قرقعوه == قرنقعوه قرقعوه عطونا الله يعطيكم =بيت مكه يوديك ميامك هي المعمور== ياأم السلاسل والذهب يانورهعطونا من مال الله == يسلم لكم عبداللهعطونا دحبة ميزان == يسلم لكم عزيزانيا == أبوك امشرع بابهباب الكرم ماصكه == ولا حط له بوابه
اهازيج في سلطنة عمان: قرنقشوه يو ناس عطونا اشوية حلاوي .. دوس دوس في المندوس حارة حارة في السحارة
أبطال القرقيعان او الماجينا فهم الأطفال الذين يجوبون الشوارع و الأزقة بكل عفوية وبراءة مبتهجين بهذه المناسبة الرمضانية التي توارثتها الأجيال ، و هم يلبسون الملابس الجديدة و التي قد تُخاط لهم خصيصاً لهذه المناسبة التي نشتاق اليها كلما مرت بنا السنين والايام 

عدنان الدوسري

رمضان

الخميس، 16 يونيو 2016

النفحات الإيمانية من أين تأتي ؟











لعل شمس أمس لم تكن حارقة كما اليوم فكلما اشتدت الحرارة تعرض الجسم للتعب والإرهاق.هكذاهو الإنسان تتغير سلوكياته وعوامله وفقا لعوامل اجتماعية
وبيئية ونفسية وتأتي هذه التأثيرات عبر سلوكيات مختزنة في العقل الباطن
من خلال الصور الذهنية التي تمنح إظهار سلوك أو تصرف وسلوكيات الحدود الربانية
التي تأتي عبرالمحاضرات والقراءة فقط إنما تأتي أيضا عبر وسائل بصرية وحسية..
فكيف تأتينا النفحات الإيمانية ونحن نعبئ بصور مخالفة للحدود من خلال السمعيات
والمرئيات والمقروءة التي تعكس مدى التردي الأخلاقي التي أتاح لبعض الناس التقليد الأعمى
دون الرجوع إلى التفكير اصلا. أما في شهر رمضان المبارك يزداد هذا التنافس بين فريقين مختلفين فهناك من يستمر بسياسته القديمة وبث المفاهيم الخاطئة لخلق مجتمع لا يكترث بالأخلاق ومن الجهة الاخرى حيث تكثر الرسائل الإيجابية والإعلام الهادف وتتصاعد تفاعله على صعيد هذا الشهر فقط قياسا على بقية الأشهر ,ونتساءل هل التعاليم الربانية الايجابية تطبيقها في هذا الشهر فقط ؟ وفي ظل هل السباق يبقى الضحية هو المتلقي .برغم المتغيرات الاجتماعية والسياسية للمجتمعات لازال رجال الدين متمسكين بالطرق الكلاسيكية .وحتمية الإصغاء تأتي فرضية مطلقه .وخاصة في يوم الجمعة وان كان ما يطرح قد استهلك من سنين طويلة فعلى رجال الدين أن يطورون مهاراتهم في الطرح وإيصال المعلومة بشكل أكثر حداثة والأمثلة المراد بها في الخطابة تأتي من واقعنا .لا من واقع مضى عليه الآلاف السنيين. هل أصبح البرنامج التلفزيوني سيلفي وبرنامج الصدمة يأخذ الحيز الأكبر للمشاهدة والتأثير على نمطية السلوك ؟ برغم من قصر المدة لبرنامج السلفي والصدمة استطاع أن يحرك الشارع والخطباء المحترمون الذين يتربعون على عروش الفضائيات مازالوا يتكلمون بطرقهم القديمة . متى يأتي زمن نرى العالم العربي يأتي بما هو يغير ولو بشيء بسيط....

عدنان الدوسري كاتب عراقي مغترب




هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟

  هل فعلا نحن نحتاج إلى قدوة؟ لعل السؤال هنا يأخذ حيزا عميقا في كينونة الإنسان وخاصة العربي. عندما تطرح عليه من هو قدوتك سرعان ما يتنامى إلى...