من أهم السلوكيات
الفعالة في المجتمعات المتحضرة قدرة الفرد على تفعيل نمطية التعامل مع الآخرين من
منهجية مكتسبة عن قناعة فكرية وثقافية تتبلور دائما في ثبات ذلك الموقف مهما تعددت
الأدوار للشخص في اليوم الواحد. ولعلنا دون مواربة فنحن شعب متحضر يعي قيمة
كبح السلوك الشائن في كثير من مواقفنا الحياتية ولكن القلة هم الذين دوما يشذون عن
القاعدة، ويحملون الآخرين وزر أخطائهم ووزر تصرفاتهم عندما يسمحون لأنفسهم بأن
يتحرروا من تلك القاعدة السلوكية كلما فقدوا الرقيب وكلما أمنوا العقوبة وفي ذلك
خلل يجب أن يدرس من قبل الأخصائيين النفسيين من اجل انتشال تلك الفئة القليلة من
الازدواجية في السلوك، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد البعض عندما
تنمح لهم خاصية معينة تسمح لهم بخصائص قد يكونوا قادرين إلى إقصاء
الآخرين وإلغاء أرائهم وفق معاير تراكمات خلفها الزمن بعقلهم
الباطن وتنعكس سلبا على سلوكهم وبهذا التصرف يعتبر وكأنه يتحرر من
القيود التي ألزمها نفسه في جانب من جوانب حياته وخرقها في الجانب الآخر. ولنقس
على ذلك المقياس كثيرا من التصرفات التي نجدها في أولئك المتذبذبين سلوكيا.. ولعله
من المرجو دراسة تلك الظاهرة دراسة متعمقة ووضع الحلول لها في عالمنا واخص
به الافتراضي الذي أصبح جزء من حياتنا اليومية..ومع الأسف تفاقمت تلك
الحالات لوجود مساحات شاسعة لها لتعبير عن
وجود ذاتي والتي تعتبره حرية عن الذات والتي تتلون حسب المزاج والوقت والظرف.
وتتحول هذه النمطية إلى تغير الأقنعة فتارة
مع هؤلاء وتارة مع هؤلاء حتى يرى أين تميل الكفة فيكون معهم ..و لربما نعرفهم
بيننا ونسمح لهم بأداء أدوارهم وحسب أقنعتهم بكل تراجيديا وقد نتعاطف معهم ولا
نعلم أن يحملون أصرا عن حالات بمجتمعنا التي أساءت إلى معتقدات ومبادئ طالما كنا
محافظين عليها لفترات طويلة. وبعد كل
حركات التصحيح التي حدثت في الوطن العربي لابد
الاهتمام بالإنسان كقوة
لا ياستهان بها وإعادة تنميته وفق برامج علمية صحيحة ولا تحمل طابع سياسي أو خاضعة لحزب أو طائفة وحتى لا يخدع الناس ويقعون بين تلوين الأقنعة, فكما أن علم
الإدارة وضع منهجية (إدارة الوقت) وأصبح علما يدرس في الجامعات وهو المفهوم الذي
ينص على أدارة الذات من الداخل للتخلص من المعوقات الوقتية في المفهوم الحياتي
ككل.. فحري أن يكون للسلوك نفس المقياس ونفس النمط.. فهما مفهومان يمسان الشخصية
من الداخل ويخلصانها من الترسبات النفسية ويمكنانها من الوصول إلى سلاسة التعامل
من المنظور الإيجابي للحياة. ، ولكننا نحن بحاجة إلى تثبيت تلك القواعد السلوكية
منهجيا لكي تتحضر النفوس قبل أن تتحضر
قوانينها الوضعية بفعل المؤثرات
المعنوية والمادية وهنا تكمن المفارقة.. وقوانين
تأتي برؤية تنموية جميلة ولا من
يطبقها بشكل حضاري والخلل يكمن في الإنسان لكونه لا يمتلك تلك الرؤية
الحقيقة حتى يستوعب ذلك التطور وان أراد استيعابه فانه يجاري الزمن دون أن يفهم شي وهنا
تكمن القضية -مؤلم جدا أن يكون الإنسان
جاهل ما يدور حوله من أحداث تمس مستقبلة الاجتماعي_ ومثله كمثل دابة الساقية تدون
معصوبة العين لا تفقه شئ..وكلا الحالتين مرفوضة بعصرنا ,فتغير ليس
فقط يمس الحكومات فلابد أن يمس
الإنسان بذاته وهذا مناط على الهيئات كافة المسموعة والمرئية والمقروءة والأخذ بنظر الاعتبار هذا التغير وتبدأ بتوجه إلى
الإنسان وتعديل الخطاب الموجه له وعدم التسويق ضده كمادة مستهلكة فحسب أنما هو أداة للتغير واعتبار ما يحمله من
قناعات هي جوهرية لا تتغير مهما تغير
الزمن .
عدنان الدوسري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق